كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

الْعَدُوّ مِنْهُ غُرَّة حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْل وَفَاءَ النَّاس بَعْضهمْ إِلَى بَعْض قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِم نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيب ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَب الْعَدُوّ لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا ، نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوّ وَهَزَمْنَاهُمْ ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِفْنَا أَنْ يُصِيب الْعَدُوّ مِنْهُ غُرَّة فَاشْتَغَلْنَا بِهِ ، فَنَزَلَتْ { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَال } الْآيَة ، فَقَسَمَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَوَاقٍ بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَفِي لَفْظ لَهُ فِينَا أَصْحَاب بَدْر نَزَلَتْ حِين اِخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فَنَزَعَهُ اللَّه مِنْ أَيْدِينَا فَجَعَلَهُ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهُ بَيْننَا عَلَى سَوَاء
{ يَسْأَلُونَك }
: يَا مُحَمَّد
{ عَنْ الْأَنْفَال }
: الْغَنَائِم لِمَنْ هِيَ
{ قُلْ }
لَهُمْ
{ الْأَنْفَال لِلَّهِ وَالرَّسُول }
يَجْعَلَانِهَا حَيْثُ شَاءَ
( إِلَى قَوْله { كَمَا أَخْرَجَك رَبُّك } إلَخْ )
: وَتَمَام الْآيَة { فَاتَّقُوا اللَّه وَأَصْلِحُوا ذَات بَيْنكُمْ } أَيْ حَقِيقَة مَا بَيْنكُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَتَرْك النِّزَاع { وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَات عِنْد رَبّهمْ وَمَغْفِرَة وَرِزْق كَرِيم كَمَا أَخْرَجَك رَبّك مِنْ بَيْتك بِالْحَقِّ } مُتَعَلِّق بِأَخْرَجَ وَمَا مَصْدَرِيَّة وَالْكَاف نَعْت لِمَصْدَرٍ مَحْذُوف تَقْدِيره الْأَنْفَال ثَابِتَة لِلَّهِ ثُبُوتًا كَمَا أَخْرَجَك ، أَيْ ثُبُوتًا بِالْحَقِّ كَإِخْرَاجِك مِنْ بَيْتك بِالْحَقِّ ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا مِرْيَة فِي ذَلِكَ . أَوْ أَنَّهَا فِي مَحَلّ رَفْع عَلَى خَبَر اِبْتِدَاء مُضْمَر تَقْدِيره هَذِهِ الْحَال كَحَالِ إِخْرَاجك ، بِمَعْنَى أَنَّ حَالهمْ فِي كَرَاهَة مَا رَأَيْت مِنْ تَنَفُّل الْغُزَاة مِثْل حَالهمْ فِي كَرَاهَة خُرُوجهمْ لِلْحَرْبِ .
وَالْحَاصِل أَنَّهُ وَقَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي وَقْعَة بَدْر كَرَاهَتَانِ كَرَاهَة قِسْمَة الْغَنِيمَة @

الصفحة 412