كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)
بِهَا كَأَنَّهُ جَعَلَهُمْ فِي غِرْبَال فَفَرَّقَ بَيْن الْجَيِّد وَالرَّدِيء قَالَهُ فِي النِّهَايَة
( نَفَّلَ الرُّبْع فِي الْبَدْأَة إلَخْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : رِوَايَة عَنْ اِبْن الْمُنْذِر أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْن الْبَدْأَة وَالْقُفُول حِين فَضَّلَ أَحَد الْعَطِيَّتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِقُوَّةِ الظَّهْر عِنْد دُخُولهمْ وَضَعْفه عِنْد خُرُوجهمْ وَلِأَنَّهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ أَنْشَط وَأَشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَان فِي بِلَاد الْعَدُوّ وَأَجَمّ .
وَهُمْ عِنْد الْقُفُول يَضْعُف دَوَابّهمْ وَأَبْدَانهمْ ، وَهُمْ أَشْهَى لِلرُّجُوعِ إِلَى أَوْطَانهمْ وَأَهَالِيهمْ لِطُولِ عَهْدهمْ بِهِمْ وَحُبّهمْ لِلرُّجُوعِ فَيَرَى أَنَّهُ زَادَهُمْ فِي الْقُفُول لِهَذِهِ الْعِلَل قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَلَام اِبْن الْمُنْذِر هَذَا لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ فَحْوَاهُ يُوهِم أَنَّ الرَّجْعَة هِيَ الْقُفُول إِلَى أَوْطَانهمْ وَلَيْسَ هُوَ مَعْنَى الْحَدِيث ، وَالْبَدْأَة إِنَّمَا هِيَ اِبْتِدَاء السَّفَر لِلْغَزْوِ وَإِذَا نَهَضَتْ سَرِيَّة مِنْ جُمْلَة الْعَسْكَر فَإِذَا وَقَعَتْ بِطَائِفَةٍ مِنْ الْعَدُوّ فَمَا غَنِمُوا كَانَ لَهُمْ فِيهِ الرُّبْع وَتُشْرِكهُمْ سَائِر الْعَسْكَر فِي ثَلَاثَة أَرْبَاعه فَإِنْ قَفَلُوا مِنْ الْغَزْوَة ثُمَّ رَجَعُوا فَأَوْقَعُوا بِالْعَدُوِّ ثَانِيَة كَانَ لَهُمْ مِمَّا غَنِمُوا الثُّلُث ، لِأَنَّ نُهُوضهمْ بَعْد الْقَفْل أَشَدّ لِكَوْنِ الْعَدُوّ عَلَى حَذَر وَحَزْم اِنْتَهَى . قَالَ فِي السُّبُل : وَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الْأَقْرَب . وَقَالَ اِبْن الْأَثِير : أَرَادَ بِالْبَدْأَةِ اِبْتِدَاء الْغَزْو ، وَبِالرَّجْعَةِ الْقُفُول مِنْهُ ، وَالْمَعْنَى كَانَ إِذَا نَهَضَتْ سَرِيَّة مِنْ جُمْلَة الْعَسْكَر الْمُقْبِل عَلَى الْعَدُوّ فَأَوْقَعَتْ بِهِمْ نَفَّلَهَا الرُّبْع مِمَّا غَنِمَتْ ، وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عِنْد عَوْد الْعَسْكَر نَفَّلَهَا الثُّلُث ، لِأَنَّ الْكَرَّة الثَّانِيَة أَشَقّ عَلَيْهِمْ وَالْخَطَر فِيهَا أَعْظَم ، وَذَلِكَ لِقُوَّةِ الظَّهْر عِنْد دُخُولهمْ وَضَعْفه عِنْد خُرُوجهمْ وَهُمْ فِي الْأَوَّل أَنْشَط وَأَشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَان فِي بِلَاد الْعَدُوّ وَهُمْ عِنْد الْقُفُول أَضْعَف وَأَفْتَر وَاشُهَى لِلرُّجُوعِ إِلَى أَوْطَانهمْ فَزَادَهُمْ لِذَلِكَ اِنْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : أَنْكَرَ بَعْضهمْ أَنْ يَكُون لِحَبِيبٍ هَذَا صُحْبَة وَأَثْبَتَهَا لَهُ غَيْر وَاحِد ، وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثه هَذَا شَهِدْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْيَته أَبُو عَبْد الرَّحْمَن @
الصفحة 425
526