كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

لِمِقْدَادِ بْن عَمْرو وَكَانَ أَوَّل مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ الدِّرْع وَالْمِغْفَر شَاهِرًا سَيْفه ، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاء فِي رُمْحه وَقَالَ لَهُ اِمْضِ حَتَّى تَلْحَقك الْخُيُول وَأَنَا عَلَى أَثَرك فَأَدْرِكْ أُخْرَيَات الْعَدُوّ
( ثُمَّ اِتَّبَعْت الْقَوْم )
: الْعَدُوّ ، وَذَلِكَ بَعْد صَرِيخه وَقَبْل أَنْ تَلْحَقهُ فُرْسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَعِنْد اِبْن إِسْحَاق صَرَخَ وَاصَبَاحَاه ثُمَّ خَرَجَ يَشْتَدّ فِي آثَار الْقَوْم ، فَكَانَ مِثْل السَّبُع حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَجَعَلَ يَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ
( فَجَعَلْت أَرْمِي )
: بِالسِّهَامِ
( وَأَعْقِرهُمْ )
: أَيْ أَقْتُل مَرْكُوبهمْ وَأَجْعَلهُمْ رَاجِلِينَ بِعُقْرِ دَوَابّهمْ
( فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِس )
: مِنْ الْعَدُوّ
( جَلَسْت فِي أَصْل شَجَرَة )
: أَيْ مُخْتَفِيًا عَنْهُ . وَعِنْد مُسْلِم وَغَيْره " فَمَا زِلْت أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرهُمْ فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِس مِنْهُمْ أَتَيْت شَجَرَة فَجَلَسْت فِي أَصْلهَا ثُمَّ رَمَيْته فَعَقَرْت بِهِ ، فَإِذَا تَضَايَقَ الْجَبَل فَدَخَلُوا فِي مَضَائِقِهِ عَلَوْت الْجَبَل فَرَمَيْتهمْ بِالْحِجَارَةِ " الْحَدِيث .
( مِنْ ظَهْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
: أَيْ مِنْ إِبِله الَّتِي أَخَذُوهَا ، يُرِيد أَنَّ جَمِيع مَا أَخَذُوهُ مِنْ إِبِله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذْته عَنْهُمْ وَتَرَكْته وَرَاء ظَهْرنَا . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ اِسْتَنْقَذَ جَمِيع اللِّقَاح ، وَهَكَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث سَلَمَة بْن الْأَكْوَع . قَالَ الشَّامِيّ : وَهُوَ الْمُعْتَمَد لِصِحَّةِ سَنَده .
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَابْن سَعْد وَالْوَاقِدِيّ : فَاسْتَنْقَذُوا عَشْر لِقَاح وَهُوَ مُخَالِف لِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ .
وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : وَهَذَا غَلَط بَيِّن ، وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُمْ اِسْتَنْقَذُوا اللِّقَاح كُلّهَا ، وَلَفْظ مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ سَلَمَة " حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّه مِنْ شَيْء مِنْ لِقَاح رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا خَلَّفْته وَرَاء ظَهْرِي وَأَسْلَبْت مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَة " اِنْتَهَى
( وَحَتَّى أَلْقَوْا )
: أَيْ طَرَحُوا
( بُرْدَة )
: كِسَاء صَغِير مُرَبَّع وَيُقَال@

الصفحة 429