كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)
بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ وَاَللَّه عَلِيم بِالْمُتَّقِينَ } : وَقَبْله { عَفَا اللَّه عَنْك لِمَ أَذِنْت لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّن لَك الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَم الْكَاذِبِينَ } : وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِجَمَاعَةٍ فِي التَّخَلُّف بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة عِتَابًا لَهُ وَقَدَّمَ الْعَفْو تَطْمِينًا لِقَلْبِهِ
( الَّتِي فِي النُّور )
: أَيْ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله }
وَبَعْده { إِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْر جَامِع لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَك أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَإِذَا اِسْتَأْذَنُوك لِبَعْضِ شَأْنهمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّه إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن وَاقِد وَفِيهِ مَقَال اِنْتَهَى . وَأَخْرَجَ عَبْد الرَّازِق عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون الْأَوْدِيّ قَالَ اِثْنَتَانِ فَعَلَهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤْمَر فِيهِمَا بِشَيْءٍ إِذْنه لِلْمُنَافِقَيْنِ وَأَخْذه مِنْ الْأُسَارَى فَأَنْزَلَ اللَّه { عَفَا اللَّه عَنْك لِمَ أَذِنْت لَهُمْ } الْآيَة وَأَخْرَجَ اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله { لَا يَسْتَأْذِنك الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } قَالَ هَذَا تَفْسِير لِلْمُنَافِقِينَ حِين اِسْتَأْذَنُوا فِي الْقُعُود عَنْ الْجِهَاد بِغَيْرِ عُذْر وَعَذَرَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ { فَإِذَا اِسْتَأْذَنُوك لِبَعْضِ شَأْنهمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ } وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنه عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله { لَا يَسْتَأْذِنك الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ } قَالَ نَسَخَتْهَا الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله ..... إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } فَجَعَلَ اللَّه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى النَّظَرَيْنِ فِي ذَلِكَ مَنْ غَزَا غَزَا فِي فَضِيلَة وَمَنْ قَعَدَ قَعَدَ فِي غَيْر حَرَج إِنْ شَاءَ اِنْتَهَى قَالَ الْخَازِن فِي تَفْسِير سُورَة الْبَرَاءَة { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنك } : يَعْنِي فِي التَّخَلُّف عَنْ الْجِهَاد مَعَك يَا مُحَمَّد مِنْ غَيْر عُذْر { الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ لِقَوْلِهِ { وَارْتَابَتْ قُلُوبهمْ } يَعْنِي شَكَّتْ قُلُوبهمْ فِي الْإِيمَان { فَهُمْ فِي رَيْبهمْ يَتَرَدَّدُونَ } @
الصفحة 459
526