كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

يَعْنِي أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مُتَحَيِّرُونَ لَا مَعَ الْكُفَّار وَلَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ اِخْتَلَفَ عُلَمَاء النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ فِي هَذِهِ الْآيَات فَقِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوخَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة النُّور وَهِيَ قَوْله سُبْحَانه { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَك } الْآيَة . وَقِيلَ إِنَّهُمَا مُحْكَمَات كُلّهَا ، وَوَجْه الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْآيَات أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُسَارِعُونَ إِلَى طَاعَة اللَّه وَجِهَاد عَدُوّهُمْ مِنْ غَيْر اِسْتِئْذَان ، فَإِذَا عَرَضَ لِأَحَدِهِمْ عُذْر اِسْتَأْذَنَ فِي التَّخَلُّف ، فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَيَّرًا فِي الْإِذْن لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ } وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَكَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ فِي التَّخَلُّف مِنْ غَيْر عُذْر فَعَيَّرَهُمْ اللَّه تَعَالَى بِهَذَا الِاسْتِئْذَان لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ عُذْر . وَقَالَ الْخَازِن فِي تَفْسِير سُورَة النُّور { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ } أَيْ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { عَلَى أَمْر جَامِع } أَيْ يَجْمَعهُمْ مِنْ حَرْب أَوْ صَلَاة حَضَرَتْ أَوْ جُمُعَة أَوْ عِيد أَوْ جَمَاعَة أَوْ تَشَاوُر فِي أَمْر نَزَلَ { لَمْ يَذْهَبُوا } أَيْ لَمْ يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ وَلَمْ يَنْصَرِفُوا عَمَّا اِجْتَمَعُوا لَهُ { حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَك أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَإِذَا اِسْتَأْذَنُوك لِبَعْضِ شَأْنهمْ } أَيْ أَمْرهمْ { فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْت مِنْهُمْ } : أَيْ فِي الِانْصِرَاف وَالْمَعْنَى إِنْ شِئْت فَأْذَنْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَأْذَن اِنْتَهَى .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
جَمْع بَشِير .
2391 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ جَرِير )
: هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
( أَلَا )
: بِالتَّخْفِيفِ@

الصفحة 460