كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

( أَوْصَانِي أَنْ أُضَحِّي عَنْهُ )
: أَيْ بَعْد مَوْته إِمَّا بِكَبْشَيْنِ عَلَى مِنْوَال حَيَاته أَوْ بِكَبْشَيْنِ أَحَدهمَا عَنْهُ وَالْآخَر عَنْ نَفْسِي . قَالَ الْقَارِيّ فِي الْمِرْقَاة : وَفِي رِوَايَة صَحَّحَهَا الْحَاكِم " أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِكَبْشَيْنِ عَنْ نَفْسه وَقَالَ إنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي أَنْ أُضَحِّي عَنْهُ أَبَدًا فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ أَبَدًا " قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعه : قَدْ رَخَّصَ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنْ يُضَحَّى عَنْ الْمَيِّت وَلَمْ يَرَ بَعْضهمْ أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك " أَحَبّ إِلَيَّ أَنْ يُتَصَدَّق عَنْهُ وَلَا يُضَحَّى ، وَإِنْ ضَحَّى فَلَا يَأْكُل مِنْهَا شَيْئًا وَيَتَصَدَّق بِهَا كُلّهَا اِنْتَهَى . وَهَكَذَا فِي شَرْح السُّنَّة لِلْإِمَامِ الْبَغَوِيِّ . قَالَ فِي غُنْيَة الْأَلْمَعِيّ : قَوْل بَعْض أَهْل الْعِلْم الَّذِي رَخَّصَ فِي الْأُضْحِيَّة عَنْ الْأَمْوَات مُطَابِق لِلْأَدِلَّةِ ، وَقَوْل مَنْ مَنَعَهَا لَيْسَ فِيهِ حُجَّة فَلَا يُقْبَل كَلَامه إِلَّا بِدَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ . وَالثَّابِت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي عَنْ أُمَّته مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَعَنْ نَفْسه وَأَهْل بَيْته ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ أُمَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ كَانَ كَثِير مِنْهُمْ مَوْجُودًا زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَثِير مِنْهُمْ تُوُفُّوا فِي عَهْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْأَمْوَات وَالْأَحْيَاء كُلّهمْ مِنْ أُمَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلُوا فِي أُضْحِيَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْكَبْش الْوَاحِد كَمَا كَانَ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ أُمَّته كَذَلِكَ لِلْأَمْوَاتِ مِنْ أُمَّته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا تَفْرِقَة . وَهَذَا الْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّة مِنْ حَدِيث جَمَاعَات مِنْ الصَّحَابَة عَائِشَة وَجَابِر وَأَبِي طَلْحَة وَأَنَس وَأَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي رَافِع وَحُذَيْفَة عِنْد مُسْلِم وَالدَّارِمِيّ وَأَبِي دَاوُدَ وَابْن مَاجَهْ وَأَحْمَد وَالْحَاكِم وَغَيْرهمْ . وَلَمْ يُنْقَل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأُضْحِيَّة الَّتِي ضَحَّى بِهِمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسه وَأَهْل بَيْته وَعَنْ أُمَّته الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَات تَصَدَّقَ بِجَمِيعِهَا أَوْ تَصَدَّقَ@

الصفحة 487