كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

بِجُزْءٍ مُعَيَّن بِقَدْرِ حِصَّة الْأَمْوَات بَلْ قَالَ أَبُو رَافِع " إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ إِذَا ضَحَّى اِشْتَرَى كَبْشَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ، فَإِذَا صَلَّى وَخَطَبَ النَّاس ، أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَائِم فِي مُصَلَّاهُ فَذَبَحَهُ بِنَفْسِهِ بِالْمُدْيَةِ ثُمَّ يَقُول : اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ أُمَّتِي جَمِيعًا مَنْ شَهِدَ لَك بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْآخَرِ فَيَذْبَحهُ بِنَفْسِهِ وَيَقُول هَذَا عَنْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد فَيُطْعِمهُمَا جَمِيعًا الْمَسَاكِين وَيَأْكُل هُوَ وَأَهْله مِنْهُمَا ، فَمَكَثْنَا سِنِينَ لَيْسَ الرَّجُل مِنْ بَنِي هَاشِم يُضَحِّي قَدْ كَفَاهُ اللَّه الْمُؤْنَة بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْغُرْم رَوَاهُ أَحْمَد وَكَانَ دَأْبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمًا الْأَكْل بِنَفْسِهِ وَبِأَهْلِهِ مِنْ لُحُوم الْأُضْحِيَّة وَتَصَدَّقَهَا لِلْمَسَاكِينِ وَأَمَرَ أُمَّته بِذَلِكَ وَلَمْ يُحْفَظ عَنْهُ خِلَافه .
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَة وَفِيهِ " قَالُوا نُهِيت أَنْ تُؤْكَل لُحُوم الْأَضَاحِيّ بَعْد ثَلَاث ، فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْل الدَّافَّة فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا " وَأَخْرَجَ مُسْلِم عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا " فَكَمَا صَنَعَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْنَعهُ مِنْ غَيْر فَرْق حَتَّى يَقُوم الدَّلِيل عَلَى الْخُصُوصِيَّة . فَإِنْ أُضَحِّي كَبْشًا أَوْ كَبْشَيْنِ أَمْ ثَلَاث كِبَاش مَثَلًا عَنْ نَفْسِي وَأَهْل بَيْتِي وَعَنْ الْأَمْوَات لِيَكْفِيَ عَنْ كُلّ وَاحِد لَا مَحَالَة وَيَصِل ثَوَابهَا لِكُلِّ وَاحِد بِلَا مِرْيَة ، وَمَا بَدَا لِي آكُل مِنْ لَحْمهَا وَأُطْعِم غَيْرِي وَأَتَصَدَّق مِنْهَا فَإِنِّي عَلَى خِيَار مِنْ الشَّارِع .
نَعَمْ إِنْ تُخَصّ الْأُضْحِيَّة لِلْأَمْوَاتِ مِنْ دُون شَرِكَة الْأَحْيَاء فِيهَا فَهِيَ حَقّ لِلْمَسَاكِينِ وَالْغُرَبَاء كَمَا قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَاَللَّه أَعْلَم اِنْتَهَى كَلَامه .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : حَنَش هُوَ أَبُو الْمُعْتَمِر الْكِنَانِيّ الصَّنْعَانِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ غَرِيب لَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث شَرِيك . هَذَا آخِر كَلَامه . وَحَنَش تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد وَقَالَ اِبْن حِبَّان الْبُسْتِيّ : وَكَانَ كَثِير الْوَهْم فِي الْأَخْبَار يَنْفَرِد عَنْ@

الصفحة 488