كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 7)

ومنهم من قال هذا خلاف الحديث الثابت عن عائشة المتفق على صحته أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يبعث بهديه ويقيم حلالا لا يحرم عليه شيء
قال الشافعي فإن قال قائل ما دل على أنه اختيار لا واجب قيل له روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت أنا فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه و سلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم بعث بها مع أبي بكر فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه و سلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي
قال الشافعي وفي هذا دلالة على ما وصفت وعلى أن المرء لا يحرم ببعثه بهديه يقول البعث بالهدي أكثر من إرادة الأضحية
ومنهم من رد هذا الحديث بخلافه للقياس لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس والطبيب فلا يحرم عليه حلق الشعر ولا تقليم الظفر
وأسعد الناس بهذا الحديث من قال بظاهره لصحته وعدم ما يعارضه
وأما حديث عائشة فهو إنما يدل على أن من بعث بهديه وأقام في أهله فإنه يقيم حلالا ولا يكون محرما بإرسال الهدي ردا على من قال من السلف يكون بذلك محرما ولهذا روت عائشة لما حكي لها هذا الحديث

الصفحة 491