كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وَفِي نُسْخَة الْخَطَّابِيِّ " فَلِأَوْلَى عَصَبَة ذَكَر " قَالَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ أَقْرَب فِي النَّسَب إِلَى الْمَوْرُوث دُون الْأَبْعَد ، وَالْوَصْف بِالذُّكُورَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَبَب الِاسْتِحْقَاق بِالْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيح فِي الْإِرْث بِكَوْنِ الذَّكَر لَهُ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ، لِأَنَّ الرِّجَال تَلْحَقهُمْ مُؤَن كَثِيرَة بِالْقِتَالِ وَالْقِيَام بِالضِّيفَانِ وَالْعِيَال وَنَحْو ذَلِكَ . اِنْتَهَى . وَقَالَ فِي السُّبُل : الْمُرَاد بِأَوْلَى رَجُل أَنَّ الرَّجُل مِنْ الْعَصَبَة بَعْد أَهْل الْفَرَائِض إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَب إِلَى الْمَيِّت اِسْتَحَقَّ دُون مَنْ هُوَ أَبْعَد ، فَإِنْ اِسْتَوَوْا اِشْتَرَكُوا وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْأَخ وَالْأُخْت لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَانُوا إِخْوَة رِجَالًا وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } وَأَقْرَب الْعَصَبَات الْبَنُونَ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ، ثُمَّ الْأَب ثُمَّ الْجَدّ أَبُو الْأَب وَإِنْ عَلَوْا . وَالْحَدِيث مَبْنِيّ عَلَى وُجُود عَصَبَة مِنْ الرِّجَال فَإِذَا لَمْ يُوجَد عَصَبَة مِنْ الرِّجَال أُعْطِيَ بَقِيَّة الْمِيرَاث مَنْ لَا فَرْض لَهُ مِنْ النِّسَاء . اِنْتَهَى كَلَامه .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَوْلَى هَا هُنَا أَقْرَب ، وَالْوَلِيّ الْقَرِيب ، يُرِيد أَقْرَب الْعَصَبَة إِلَى الْمَيِّت كَالْأَخِ وَالْعَمّ ، فَإِنَّ الْأَخ أَقْرَب مِنْ الْعَمّ ، وَكَالْعَمِّ وَابْن الْعَمّ ، فَإِنَّ الْعَمّ أَقْرَب مِنْ اِبْن الْعَمّ ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى . وَلَوْ كَانَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَوْلَى بِمَعْنَى أَحَقّ لَبَقِيَ الْكَلَام مُبْهَمًا لَا يُسْتَفَاد مِنْهُ بَيَان الْحُكْم إِذْ كَانَ لَا يَدْرِي مَنْ الْأَحَقّ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَحَقّ فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَاهُ قُرْب النَّسَب عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ اِنْتَهَى .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
اِعْلَمْ أَنَّ ذَا الرَّحِم هُوَ كُلّ قَرِيب لَيْسَ بِذِي فَرْض وَلَا عَصَبَة ، فَأَكْثَر الصَّحَابَة كَعُمَر وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَأَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح وَمُعَاذ بْن جَبَل وَأَبِي@

الصفحة 105