كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس رِضْوَان اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي رِوَايَة عَنْهُ مَشْهُورَة وَغَيْرهمْ يَرَوْنَ تَوْرِيث ذَوِي الْأَرْحَام ، وَتَابَعَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ عَلْقَمَة وَالنَّخَعِيّ وَشُرَيْح وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد وَزُفَر وَمَنْ تَابَعَهُمْ .
وَقَالَ زَيْد بْن ثَابِت وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة شَاذَّة لَا مِيرَاث لِذَوِي الْأَرْحَام وَيُوضَع الْمَال عِنْد عَدَم صَاحِب الْفَرْض وَالْعَصَبَة فِي بَيْت الْمَال ، وَتَابَعَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَسَعِيد بْن جُبَيْر ، وَبِهِ قَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه وَالشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه . كَذَا فِي الْمِرْقَاة وَذَوُو الْأَرْحَام هُمْ أَوْلَاد الْبَنَات وَإِنْ سَفَلُوا ، وَأَوْلَاد بَنَات الِابْن كَذَلِكَ ، وَالْأَجْدَاد الْفَاسِدُونَ وَإِنْ عَلَوْا ، وَالْجَدَّات الْفَاسِدَات وَإِنْ عَلَوْنَ ، وَأَوْلَاد الْأَخَوَات وَبَنَات الْإِخْوَة وَالْعَمَّات وَغَيْرهمْ كَمَا فِي كُتُب الْفَرَائِض .
2512 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( مَنْ تَرَكَ كَلًّا )
: بِفَتْحِ الْكَاف وَتَشْدِيد اللَّام أَيْ ثِقَلًا وَهُوَ يَشْمَل الدَّيْن وَالْعِيَال ، وَالْمَعْنَى إِنْ تَرَكَ الْأَوْلَاد فَإِلَيَّ مَلْجَؤُهُمْ وَأَنَا كَافِلهمْ ، وَإِنْ تَرَكَ الدَّيْن فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ
( أَعْقِل لَهُ )
: أَيْ أُؤَدِّي عَنْهُ مَا يَلْزَمهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَات الَّتِي تَتَحَمَّلهُ الْعَاقِلَة
( وَأَرِثهُ )
: أَيْ مَنْ لَا وَارِث لَهُ .
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه : يُرِيد بِهِ صَرْف مَاله إِلَى بَيْت مَال الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ
( وَالْخَال وَارِث مَنْ لَا وَارِث لَهُ )
: فِيهِ دَلِيل لِمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام
( يَعْقِل عَنْهُ )
: أَيْ إِذَا جَنَى اِبْن أُخْته وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَة يُؤَدِّي الْخَال عَنْهُ@

الصفحة 106