كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

ولا سبيل هنا إلى واحد من الأمرين
وقوله اختار وضع ماله فيه يعني على سبيل الطعمة لا الميراث فباطل لثلاثة أوجه أحدها أن لفظ الحديث يبطله فإنه قال يرث ماله وفي لفظ يرثه
الثاني أنه سماه وارثا والأصل في التسمية الحقيقة فلا يعدل عنها إلا بعد أمور أربعة أحدها قيام دليل على امتناع إرادتها
الثاني بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي عينه مجازا له ولا يكفي ذلك إلا بالثالث وهو بيان استعماله فيه لغة حتى لا يكون لنا وضع يحمل عليه لفظ النص
وكثير من الناس يغفل عن هذه الثلاثة ويقول يحمل على كذا وكذا وهذا غلط
فإن الحمل ليس بإنشاء وإنما هو إخبار عن استعمال اللفظ في ذلك المعنى الذي حمله عليه وإن لم يكن مطابقا كان خبرا كاذبا وإن أراد به أني أنشىء حمله على هذا المعنى كما يظن كثير ممن لا تحقيق عنده فهو باطل قطعا لا يحل لأحد أن يرتكبه ثم يحمل كلام الشارع عليه
الرابع الجواب عن المعارض وهو دليل إرادة الحقيقية ولا يكفيه دليل امتناع إرادتها ما لم يجب عن دليل الإرادة
الخامس أن المخاطبين بهذا اللفظ فهموا منه الميراث دون غيره وهم الصحابة رضي الله عنهم ولهذا كتب به عمر رضي الله عنه جوابا لأبي عبيدة حين سأله في كتابه عن ميراث الخال وهم أحق الخلق بالإصابة في الفهم
وقد علم بهذا بطلان حمل الحديث على أن الخال السلطان وعلى أن المراد به السلب
وكل هذه وجوه باطلة
وأسعد الناس بهذه الأحاديث من ذهب إليها وبالله التوفيق

الصفحة 111