كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وجهين مختلفين أو روى مسندا أو اعتضد بعمل بعض الصحابة فهو حجة
وهذا قد روى من وجوه متعددة وعمل به من ذكرنا من الصحابة والقياس معه فإنها لو كانت معتقة كان عصبتها من الولاء عصبة لولدها ولا يكون عصبتها من النسب عصبة لهم
ومعلوم أن تعصيب الولاء الثابت لغير المباشر بالعتق فرع على ثبوت تعصيب النسب فكيف يثبت الفرع مع انتفاء أصله وأيضا فإن الولاء في الأصل لموالي الأب فإذا انقطع من جهتهم رجع إلى موالي الأم فإذا عاد من جهة الأب انتقل من موالي الأم إلى موالي الأب وهكذا النسب هو في الأصل للأب وعصباته فإذا انقطع من جهته باللعان عاد إلى الأم وعصباتها فإذا عاد إلى الأب باعترافه بالولد وإكذابه نفسه رجع النسب إليه كالولاء سواء بل النسب هو الأصل في ذلك والولاء ملحق به
وهذا من أوضح القياس وأبينه وأدله على دقة أفهام الصحابة وبعد غورهم في مأخذ الأحكام
وقد أشار إلى هذا في قوله في الحديث هي بمنزلة أمه وأبيه
حتى لو لم ترد هذه الآثار لكان هذا محض القياس الصحيح
وإذا ثبت أن عصبة أمه عصبة له فهي أولى أن تكون عصبته لأنهم فرعها وهم إنما صاروا عصبة له بواسطتها ومن جهتها استفادوا تعصيبهم فلأن تكون هي نفسها عصبة أولى وأحرى
فإن قيل لو كانت أمه بمنزلة أمه وأبيه لحجبت إخوته ولم يرثوا معها شيئا

الصفحة 117