كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

مَعْرِض الِاسْتِدْلَال عَلَى جَوَاز أَكْل ذَبَائِح أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْل الْحَرْب وَغَيْرهمْ لِأَنَّ الْمُرَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى : { طَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } ذَبَائِحهمْ ، وَبِهِ قَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو أُمَامَةَ وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَالْحَسَن وَمَكْحُول وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَالسُّدِّيّ وَمُقَاتِل بْن حَيَّان ، وَهَذَا أَمْر مُجْمَع عَلَيْهِ بَيْن الْعُلَمَاء أَنَّ ذَبَائِحهمْ حَلَال لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ الذَّبَائِح لِغَيْرِ اللَّه تَعَالَى وَلَا يَذْكُرُونَ عَلَى ذَبَائِحهمْ إِلَّا اِسْم اللَّه وَإِنْ اِعْتَقَدُوا فِيهِ مَا هُوَ مُنَزَّه عَنْهُ ، وَلَا يُبَاح ذَبَائِح مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ أَهْل الشِّرْك لِأَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ اِسْم اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَبَائِحهمْ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن وَاقِد وَفِيهِ مَقَال .
2435 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
{ وَإِنَّ الشَّيَاطِين لَيُوحُونَ }
: أَيْ يُوَسْوِسَونَ
{ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ }
: أَيْ الْكُفَّار وَبَعْده { لِيُجَادِلُوكُمْ } : أَيْ فِي تَحْلِيل الْمَيْتَة { وَإِنْ أَطْعَمْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ }
( يَقُولُونَ مَا ذَبَحَ اللَّه )
: أَيْ مَا قَتَلَهُ اللَّه تَعَالَى وَأَمَاتَهُ ، وَهَذَا تَفْسِير إِيحَاء الشَّيَاطِين . وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِي زُمَيْل قَالَ " كُنْت قَاعِدًا عِنْد اِبْن عَبَّاس وَحَجَّ الْمُخْتَار بْن أَبِي عُبَيْد ، فَجَاءَ رَجُل فَقَالَ يَا اِبْن عَبَّاس زَعَمَ أَبُو إِسْحَاق أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ اللَّيْلَة فَقَالَ اِبْن عَبَّاس صَدَقَ ، فَنَفَرْت وَقُلْت يَقُول اِبْن عَبَّاس صَدَقَ ، فَقَالَ اِبْن عَبَّاس هُمَا وَحْيَانِ وَحْي اللَّه وَوَحْي الشَّيْطَان ، فَوَحْي اللَّه إِلَى مُحَمَّد وَوَحْي الشَّيْطَان إِلَى أَوْلِيَائِهِ ثُمَّ قَرَأَ { وَإِنَّ الشَّيَاطِين لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } " وَأَخْرَجَ اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " لَمَّا نَزَلَتْ { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ } @

الصفحة 13