كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

أَعْنِي .
وَالْمُرَاد أَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا } نَسَخَ حَكِيم الْمِيرَاث الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِتِلْكَ الْأُخُوَّة وَيَرَوْنَهَا دَاخِلَة فِي قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { وَأُولُو الْأَرْحَام بَعْضهمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب اللَّه } نَسَخَ الْمِيرَاث بَيْن الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَقِيَ النُّصْرَة وَالرِّفَادَة وَجَوَاز الْوَصِيَّة لَهُمْ اِنْتَهَى
( الرِّفَادَة )
: بِكَسْرِ الرَّاء الْمُعَاوَنَة
( وَيُوصِي لَهُ )
: بِكَسْرِ الصَّاد أَيْ لِلْحَلِيفِ
( وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث )
: أَيْ نُسِخَ حُكْم الْمِيرَاث بِالْمُؤَاخَاةِ .
قَالَ الْخَازِن : فَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } وَذَهَبَ قَوْم إِلَى أَنَّ الْآيَة لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ بَلْ حُكْمهَا بَاقٍ وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ { وَاَلَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانكُمْ } الْحُلَفَاء ، وَالْمُرَاد مِنْ قَوْله { فَآتُوهُمْ نَصِيبهمْ } يَعْنِي مِنْ النُّصْرَة وَالنَّصِيحَة وَالْمُوَافَاة وَالْمُصَافَاة وَنَحْو ذَلِكَ ، فَعَلَى هَذَا لَا تَكُون مَنْسُوخَة .
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر الصِّدِّيق كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَعَلَى هَذَا فَلَا نَسْخ أَيْضًا . فَمَنْ قَالَ إِنَّ حُكْم الْآيَة بَاقٍ قَالَ إِنَّمَا كَانَتْ الْمُعَاقَدَة فِي الْجَاهِلِيَّة عَلَى النُّصْرَة لَا غَيْر وَالْإِسْلَام لَمْ يُغَيِّر ذَلِكَ ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم مَرْفُوعًا ثُمَّ ذَكَرَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَاب التَّالِي .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ .
2534 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَلَى أُمّ سَعْد بِنْت الرَّبِيع )
: هِيَ أُمّ سَعْد بِنْت سَعْد بْن الرَّبِيع الْأَنْصَارِيَّة @

الصفحة 138