كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

مَنَازِل الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْقَارِي
( وَقَسْم رَسُوله )
: بِالْجَرِّ عَطْف عَلَى كِتَاب اللَّه أَيْ وَمِنْ قَسْمه مِمَّا كَانَ يَسْلُكهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرَاعَاة التَّمْيِيز بَيْن أَهْل بَدْر وَأَصْحَاب بَيْعَة الرِّضْوَان وَذَوِي الْمَشَاهِد الَّذِينَ شَهِدُوا الْحُرُوب ، وَبَيْن الْمُعِيل وَغَيْره الْمُشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ
( فَالرَّجُل )
: بِالرَّفْعِ ، وَكَذَا قَوْله
( وَقِدَمه )
: بِكَسْرِ الْقَاف أَيْ سَبْقه فِي الْإِسْلَام .
قِيلَ تَقْدِير الْكَلَام فَالرَّجُل يُقْسَم لَهُ وَيُرَاعِي قِدَمه فِي الْقَسْم ، أَوْ الرَّجُل وَنَصِيبه عَلَى مَا يَقْتَضِيه قِدَمه ، أَوْ الرَّجُل وَقِدَمه يُعْتَبَرَانِ فِي الِاسْتِحْقَاق وَقَبُول التَّفَاضُل كَقَوْلِهِمْ الرَّجُل وَضَيْعَته ، وَكَذَا قَوْله
( وَالرَّجُل وَبَلَاؤُهُ )
: أَيْ شَجَاعَته وَجَبَانه الَّذِي اُبْتُلِيَ بِهِ فِي سَبِيل اللَّه ، وَالْمُرَاد مَشَقَّته وَسَعْيه
( وَالرَّجُل وَعِيَاله )
: أَيْ مِمَّنْ يُمَوِّنهُ
( وَالرَّجُل وَحَاجَته )
: أَيْ مِقْدَار حَاجَته .
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ : كَانَ رَأْي عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ الْفَيْء لَا يُخَمَّس وَأَنَّ جُمْلَته لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ يُصْرَف فِي مَصَالِحهمْ لَا مَزِيَّة لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى آخَر فِي أَصْل الِاسْتِحْقَاق وَإِنَّمَا التَّفَاوُت فِي التَّفَاضُل بِحَسَبِ اِخْتِلَاف الْمَرَاتِب وَالْمَنَازِل ، وَذَلِكَ إِمَّا بِتَنْصِيصِ اللَّه تَعَالَى عَلَى اِسْتِحْقَاقهمْ كَالْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَة خُصُوصًا مِنْهُمْ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار } أَوْ بِتَقْدِيمِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْضِيله إِمَّا لِسَبْقِ إِسْلَامه ، وَإِمَّا بِحُسْنِ بَلَائِهِ . وَإِمَّا لِشِدَّةِ اِحْتِيَاجه وَكَثْرَة عِيَاله اِنْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام فِيهِ . @

الصفحة 167