كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

يُصْرَف فِي مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَف الْخَرَاج وَالْجِزْيَة كَعِمَارَةِ الرِّبَاطَات وَالْقَنَاطِر وَالْجُسُور وَسَدّ الثُّغُور وَكَرْي الْأَنْهَار الْعِظَام الَّتِي لَا مِلْك لِأَحَدٍ فِيهَا كَجَيْحُون وَالْفُرَات وَدِجْلَة ، وَإِلَى أَرْزَاق الْقُضَاة وَالْمُحْتَسِبِينَ وَالْمُعَلِّمِينَ وَأَرْزَاق الْمُقَاتِلَة ، وَحِفْظ الطَّرِيق مِنْ اللُّصُوص وَقُطَّاع الطَّرِيق . قَالُوا وَمَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ هُوَ مِثْل الْأَرَاضِي الَّتِي أَجْلَوْا أَهْلهَا عَنْهَا وَمِثْل الْجِزْيَة وَلَا خُمُس فِي ذَلِكَ . وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّ كُلّ مَال أُخِذَ مِنْ الْكُفَّار بِلَا قِتَال عَنْ خَوْف أَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ لِلْكَفِّ عَنْهُمْ يُخَمَّس ، وَمَا أُخِذَ مِنْ غَيْر خَوْف كَالْجِزْيَةِ وَعُشْر التِّجَارَة وَمَال مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ فَفِي الْقَدِيم لَا يُخَمَّس ، وَهُوَ قَوْل مَالِك وَفِي الْجَدِيد يُخَمَّس ، وَلِأَحْمَد فِي الْفَيْء رِوَايَتَانِ الظَّاهِر مِنْهُمَا لَا يُخَمَّس ، ثُمَّ هَذَا الْخُمُس عِنْد الشَّافِعِيّ يُصْرَف إِلَى مَا يُصْرَف إِلَيْهِ خُمُس الْغَنِيمَة عِنْده . قَالَ اِبْن الْهُمَام : وَاسْتَدَلَّ صَاحِب الْهِدَايَة بِعَمَلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّهُ أَخَذَ الْجِزْيَة مِنْ مَجُوس هَجَرَ وَنَصَارَى نَجْرَان وَفَرَضَ الْجِزْيَة عَلَى أَهْل الْيَمَن عَلَى كُلّ حَالِم دِينَارًا ، وَلَمْ يُنْقَل قَطّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَمَّسَهُ بَلْ كَانَ بَيْن جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ لَنَقَلَهُ وَلَوْ بِطَرِيقٍ ضَعِيف عَلَى مَا قَضَتْ بِهِ الْعَادَة ، وَمُخَالَفَة مَا قَضَتْ بِهِ الْعَادَة بَاطِلَة فَوُقُوعه بَاطِل ، وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ خِلَافه وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْف ، ثُمَّ أَوْرَدَ رِوَايَة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز هَذِهِ اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِيهِ رِوَايَة مَجْهُول ، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز لَمْ يُدْرِك عُمَر بْنَ الْخَطَّاب ، وَالْمَرْفُوع مِنْهُ مُرْسَل الِافْتِرَاض بِالْفَاءِ الْفَرْض وَهُوَ مَا يُقْطَع مِنْ الْعَطَاء اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
2573 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( عَنْ غُضَيْف )
: بِالضَّادِ الْمُعْجَمَة مُصَغَّرًا وَيُقَال بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَة يُكَنَّى أَبَا أَسْمَاء@

الصفحة 179