كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

لِلْإِمَامِ السُّيُوطِيّ بِرِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت : " الْأَبْدَال فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ : بِهِمْ تَقُوم الْأَرْض وَبِهِمْ تُمْرَطُونَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ " قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْح الْجَامِع الصَّغِير بِإِسْنَادٍ صَحِيح . وَالْأَبْدَال جَمْع بَدَل بِفَتْحَتَيْنِ وَوَجْه تَسْمِيَتهمْ بِالْأَبْدَالِ أَنَّهُ كُلَّمَا مَاتَ رَجُل مِنْهُمْ أَبْدَلَ اللَّه مَكَانه رَجُلًا كَمَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ عُبَادَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح [ كَمَا قَالَ الْعَزِيزِيّ فِي شَرْح الْجَامِع الصَّغِير لِلسُّيُوطِيِّ وَكَذَا الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحه ] بِلَفْظِ : " الْأَبْدَال فِي هَذِهِ الْأُمَّة ثَلَاثُونَ رَجُلًا قُلُوبهمْ عَلَى قَلْب إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن كُلَّمَا مَاتَ رَجُل أَبْدَلَ اللَّه مَكَانه رَجُلًا "
( قَبْل أَنْ نَسْمَع أَنَّ الْأَبْدَال مِنْ الْمَوَالِي )
فِي الْجَامِع الصَّغِير بِرِوَايَةِ الْحَاكِم فِي كِتَاب السُّكْنَى وَالْأَلْقَاب عَنْ عَطَاء مُرْسَلًا : " الْأَبْدَال مِنْ الْمَوَالِي " قَالَ الْمُنَاوِيُّ تَمَامه : " وَلَا يَبْغُض الْمَوَالِي إِلَّا مُنَافِق . وَمِنْ عَلَامَتهمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ لَا يُولَد لَهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ شَيْئًا .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ : وَهُوَ حَدِيث مُنْكَر اِنْتَهَى . وَالْمَعْنَى أَنَا كُنَّا نَعُدْ عَنْبَسَةَ بْن عَبْد الْوَاحِد الْقُرَشِيّ مِنْ الْأَبْدَال لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْعَابِدِينَ وَالذَّاكِرِينَ وَعِبَاد اللَّه الصَّالِحِينَ قَبْل أَنْ نَسْمَع فِي ذَلِكَ الْبَاب شَيْئًا ، فَلَمَّا سَمِعْنَا أَنَّ الْأَبْدَال يَكُون مِنْ الْمَوَالِي أَيْ مِنْ السَّادَات الْأَشْرَاف تَحَقَّقَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الْأَبْدَال لِأَنَّهُ عَابِد أُمَوِيّ قُرَشِيّ فَأَيّ شَيْء أَعْظَم مِنْهُ لِسِيَادَتِهِ وَشُرَافَته . وَفِي مَعْنَاهُ تَأْوِيل آخَر يَقُول مُحَمَّد بْن عِيسَى إِنَّا نَعُدّهُ مِنْ الْأَبْدَال لِزُهْدِهِ وَعِبَادَته لَكِنْ لَمَّا سَمِعْنَا أَنَّ الْأَبْدَال يَكُون مِنْ الْمَوَالِي أَيْ بِمَعْنَى الْعَبْد رَجَعْنَا عَنْ ذَلِكَ الْقَوْل وَعَلِمْنَا أَنَّ شَرْط الْأَبْدَال أَنْ يَكُون مِنْ الْمَوَالِي . وَعَنْبَسَة لَيْسَ مِنْ الْمَوَالِي بَلْ هُوَ قُرَشِيّ مِنْ أَوْلَاد سَعِيد بْن الْعَاصِ الْأُمَوِيّ ، وَهَذَا تَأْوِيل ضَعِيف .
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَبْدَال غَيْر مَا ذُكِرَ ، أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَوْف بْن مَالِك : @

الصفحة 216