كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وَأَمَّا صَفِيَّة بِنْت حُيَيّ فَهِيَ مِنْ خَيْبَر وَلَمْ يَقْسِم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْغَانِمِينَ مِنْهَا إِلَّا الْبَعْض ، فَكَانَ حُكْمهمَا حُكْم ذَلِكَ الْبَعْض الَّذِي لَمْ يَقْسِم عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي سَهْم دَحْيَة الْكَلْبِيّ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ النَّبِيّ بِسَبْعَةِ أَرْؤُس .
قُلْت : حَدِيث يَزِيد بْن عَبْد اللَّه فِيهِ دَلِيل وَاضِح عَلَى إِبْطَال مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ وَسَهْم النَّبِيّ وَسَهْم الصَّفِيّ . وَقَالَتْ عَائِشَة وَهِيَ أَعْلَم النَّاس " كَانَتْ صَفِيَّة مِنْ الصَّفِيّ " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَلَا يَحِلّ لِي مِنْ غَنَائِمكُمْ " فَخَصَّ مِنْهُ الصَّفِيّ وَاَللَّه أَعْلَم .
فَائِدَة : ثُمَّ اِعْلَمْ رَحِمَك اللَّه تَعَالَى وَإِيَّايَ أَنَّ قِسْمَة الْغَنَائِم عَلَى مَا فَصَّلَهَا اللَّه تَعَالَى وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ } الْآيَة وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء هَلْ الْغَنِيمَة وَالْفَيْء اِسْمَانِ لِمُسَمًّى وَاحِد أَمْ يَخْتَلِفَانِ فِي التَّسْمِيَة ، فَقَالَ عَطَاء بْن السَّائِب : الْغَنِيمَة مَا ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَال الْمُشْرِكِينَ فَأَخَذُوهُ عَنْوَة ، وَأَمَّا الْأَرْض فَهِيَ فَيْء وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : الْغَنِيمَة مَا أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ مَال الْكُفَّار عَنْوَة بِقِتَالٍ وَفِيهِ الْخُمُس وَأَرْبِعَة أَخْمَاسه لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَة . وَالْفَيْء مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قِتَال وَلَيْسَ فِيهِ خُمُس فَهُوَ لِمَنْ سَمَّى اللَّه وَقِيلَ الْغَنِيمَة مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَال الْكُفَّار عَنْوَة عَنْ قَهْر وَغَلَبَة . وَالْفَيْء مَا لَمْ يُوجَف عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَاب كَالْعُشُورِ وَالْجِزْيَة وَأَمْوَال الصُّلْح وَالْمُهَادَنَة . وَقِيلَ إِنَّ الْفَيْء وَالْغَنِيمَة مَعْنَاهُمَا وَاحِد وَهُمَا اِسْمَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ . وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فَالْفَيْء مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَال الْكُفَّار بِغَيْرِ إِيجَاف خَيْل وَلَا رِكَاب ، وَالْغَنِيمَة مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالهمْ عَلَى سَبِيل الْقَهْر وَالْغَلَبَة بِإِيجَافِ خَيْل عَلَيْهِ وَرِكَاب فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة حُكْم الْغَنِيمَة فَقَالَ { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء } يَعْنِي مِنْ أَيّ شَيْء كَانَ حَتَّى الْخَيْط وَالْمِخْيَط@

الصفحة 224