كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة إِلَى أَنَّهُ غَيْر ثَابِت قَالُوا سَهْم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَهْم ذَوِي الْقُرْبَى مَرْدُود فِي الْخُمُس فَيُقْسَم فِي خُمُس الْغَنِيمَة عَلَى ثَلَاثَة أَصْنَاف الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل فَيُصْرَف إِلَى فُقَرَاء ذَوِي الْقُرْبَى مَعَ هَذِهِ الْأَصْنَاف دُون أَغْنِيَائِهِمْ . وَحُجَّة مَالِك وَغَيْره أَنَّ الْكِتَاب وَالسُّنَّة يَدُلَّانِ عَلَى ثُبُوت سَهْم ذَوِي الْقُرْبَى وَكَذَا الْخُلَفَاء بَعْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يُعْطُونَ ذَوِي الْقُرْبَى وَلَا يُفَضِّلُونَ فَقِيرًا عَلَى غَنِيّ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب مَعَ كَثْرَة مَاله ، وَكَذَا الْخُلَفَاء بَعْده كَانُوا يُعْطُونَهُ . وَقَوْله تَعَالَى { وَالْيَتَامَى } جَمْع يَتِيم يَعْنِي وَيُعْطَى مِنْ خُمُس الْخُمُس لِلْيَتَامَى ، وَالْيَتِيم الَّذِي لَهُ سَهْم فِي الْخُمُس هُوَ الصَّغِير الْمُسْلِم الَّذِي لَا أَب لَهُ فَيُعْطَى مَعَ الْحَاجَة إِلَيْهِ . وَقَوْله { وَالْمَسَاكِين } وَهُمْ أَهْل الْفَاقَة وَالْحَاجَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ . وَقَوْله { وَابْن السَّبِيل } وَهُوَ الْمُسَافِر الْبَعِيد عَنْ مَاله فَيُعْطَى مِنْ خُمُس الْخُمُس مَعَ الْحَاجَة إِلَيْهِ فَهَذَا مَصْرِف خُمُس الْغَنِيمَة وَيُقْسَم أَرْبَعَة أَخْمَاسهَا الْبَاقِيَة بَيْن الْغَانِمِينَ الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَقْعَة وَحَازُوا الْغَنِيمَة فَيُعْطَى لِلْفَارِسِ ثَلَاثَة أَسْهُم ، سَهْم لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ ، وَيُعْطَى الرَّاجِل سَهْمًا وَاحِدًا ، وَهَذَا قَوْل أَكْثَر أَهْل الْعِلْم ، وَيُرْضَح لِلْعَبِيدِ وَالنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَان إِذَا حَضَرُوا الْقِتَال وَيُقْسَم الْعَقَار الَّذِي اِسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ كَالْمَنْقُولِ . وَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُشْرِكًا فِي الْقِتَال يَسْتَحِقّ سَلَبه مِنْ رَأْس الْغَنِيمَة . وَيَجُوز لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّل بَعْض الْجَيْش مِنْ الْغَنِيمَة لِزِيَادَةِ عَنَاء وَبَلَاء يَكُون مِنْهُمْ فِي الْحَرْب يَخُصّهُمْ بِهِ مِنْ بَيْن سَائِر الْجَيْش ثُمَّ يَجْعَلهُمْ أُسْوَة الْجَمَاعَة فِي سَائِر الْغَنِيمَة . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَنَّ النَّفْل مِنْ أَيْنَ يُعْطَى فَقَالَ قَوْم مِنْ خُمُس الْخُمُس مِنْ سَهْم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ قَوْل اِبْن الْمُسَيِّب ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ . وَهَذَا مَعْنَى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيّهَا النَّاس إِنَّهُ لَا يَحِلّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْكُمْ @

الصفحة 226