كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وَالْمِيثَاق
( بَيْن الْمُسْلِمِينَ عَامَّة )
: حَال مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، أَيْ بَيْن الْمُسْلِمِينَ ، جَمِيعًا بِحَيْثُ لَا يَفُوت مِنْهُ بَعْض
( صَحِيفَة )
: مَفْعُول كَتَبَ أَيْ كَتَبَ صَحِيفَة .
وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ إِنْ أَنْتُمْ تَنْتَهُونَ عَنْ السَّبّ وَالْأَذَى فَلَا يَتَعَرَّض لَكُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَقْتُلُوكُمْ فَكَتَبَ كِتَاب الْعَهْد وَالْمِيثَاق بَيْن الْفَرِيقَيْنِ . ثُمَّ لَمَّا فَتَحَ اللَّه تَعَالَى خَيْبَر سَنَة سِتّ خَرِبَتْ الْيَهُود وَضَعُفَتْ قُوَّتهمْ ، ثُمَّ أَجْلَاهُمْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي خِلَافَته مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : قَوْله عَنْ أَبِيهِ فِيهِ نَظَر ، فَإِنَّ أَبَاهُ عَبْد اللَّه بْن كَعْب لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَة وَلَا هُوَ أَحَد الثَّلَاثَة الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ وَيَكُون الْحَدِيث عَلَى هَذَا مُرْسَلًا وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَرَادَ بِأَبِيهِ جَدّه وَهُوَ كَعْب بْن مَالِك ، وَقَدْ سَمِعَ عَبْد الرَّحْمَن مِنْ جَدّه كَعْب بْن مَالِك فَيَكُون الْحَدِيث عَلَى هَذَا مُسْنَدًا ، وَكَعْب هُوَ أَحَد الثَّلَاثَة الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ وَقَعَ مِثْل هَذَا فِي الْأَسَانِيد فِي غَيْر مَوْضِع يَقُول فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ يُرِيد بِهِ الْجَدّ وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَم .
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ حَدِيث قَتْل كَعْب بْن الْأَشْرَف أَتَمّ مِنْ هَذَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَاب الْجِهَاد .@

الصفحة 230