كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وخبرها في قوله فإن ذكاته ذكاة أمه وإذ كان هكذا لم يجز في ذكاة أمه إلا بالرفع ولا يجوز نصبه لبقاء المبتدأ بغير خبر فيخرج الكلام عن الإفادة والتمام إذ الخبر محل الفائدة وهو غير معلوم
السادس أنه إذا نصب ذكاة أمه فلا بد وأن يجعل الأول في تقدير فعل لينتصب عنه المصدر ويكون تقديره يذكي الجنين ذكاة أمه ونحوه
ولو أريد هذا المعنى لقيل ذكوا الجنين ذكاة أمه أو يذكى كما يقال اضرب زيدا ضرب عمرو وينتصب الثاني على معنى اضرب زيدا ضرب عمرو فهذا لا يجوز وليس هو كلاما عربيا إلا إذا نصب الجزآن معا فتقول ذكاة الجنين ذكاة أمه وهذا
مع أنه خلاف رواية الناس وأهل الحديث قاطبة فهو أيضا ممتنع فإن المصدر لابد له من فعل يعمل فيه فيؤول التقدير إلى ذكوا ذكاة الجنين ذكاة أمه ويصير نظير قولك ضرب زيد ضرب عمرو تنصبهما
وتقديره اضرب ضرب زيد ضرب عمرو وهذا إنما يكون في المصدر بدلا من اللفظ بالفعل إذا كان منكرا نحو ضربا زيد أي ضرب زيد
ولهذا كان قولك ضربا زيدا كلاما تاما وقولك ضرب زيد ليس بكلام تام فإن الأول يتضمن اضرب زيدا بخلاف الثاني فإنه مفرد فقط فيعطي ذلك معنى الجملة فأما إذا أضفته وقلت ضرب زيد فإنه يصير مفردا ولا يجوز تقديره باضرب زيد ويدل على بطلانه الوجه السابع وهو أن الجنين إنما يذكى مثل ذكاة أمه إذا خرج حيا وحينئذ فلا يؤكل حتى يذكى ذكاة مستقبلة لأنه حينئذ له حكم نفسه وهم لم يسألوا

الصفحة 28