كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

كَأَنَّهُ عَقَدَ الْجِزْيَة فِي عُنُقه ، وَلَا شَكّ أَنَّ إِلْزَام الْجِزْيَة لَيْسَ مِنْ طَرِيق السُّنَّة ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْنَى بِالْبَرَاءَةِ . كَذَا فِي فَتْح الْوَدُود .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : أَبُو عَبْد اللَّه لَمْ يُنْسَب اِنْتَهَى . قَالَ الْمِزِّيّ : وَهُوَ الْأَشْعَرِيّ اِنْتَهَى . قُلْت : هُوَ الْأَشْعَرِيّ الدِّمَشْقِيّ رَوَى عَنْهُ أَبُو صَالِح الْأَشْعَرِيّ ، وَثَّقَهُ اِبْن حِبَّان ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَمْ أَجِد أَحَدًا أَسْمَاهُ اِنْتَهَى . وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّ اِسْمه مُسْلِم .
2678 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( يَزِيد بْن خَمِير )
: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مُصَغَّرًا
( بِجِزْيَتِهَا )
: أَيْ بِخَرَاجِهَا لِأَنَّ الْخَرَاج يَلْزَم بِشِرَاءِ الْأَرْض الْخَرَاجِيَّة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَى الْجِزْيَة هَا هُنَا الْخَرَاج . وَدَلَالَة الْحَدِيث أَنَّ الْمُسْلِم إِذَا اِشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّة مِنْ كَافِر فَإِنَّ الْخَرَاج لَا يَسْقُط عَنْهُ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَصْحَاب الرَّأْي إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيمَا أَخْرَجَتْ مِنْ حَبّ عُشْرًا ، وَقَالُوا لَا يَجْتَمِع الْخَرَاج وَالْعُشْر . وَقَالَ عَامَّة أَهْل الْعِلْم : الْعُشْر عَلَيْهِ وَاجِب فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْض مِنْ الْحَبّ إِذَا بَلَغَ خَمْسَة أَوْسُق اِنْتَهَى .
وَالْخَرَاج عِنْد الشَّافِعِيّ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدهمَا : جِزْيَة ، وَالْآخَر كِرَاء وَأُجْرَة ، فَإِذَا فُتِحَتْ الْأَرْض صُلْحًا عَلَى أَنَّ أَرْضهَا لِأَهْلِهَا فَمَا وُضِعَ عَلَيْهَا مِنْ خَرَاج فَمَجْرَاهُ مَجْرَى الْجِزْيَة الَّتِي تُؤْخَذ مِنْ رُؤْسهمْ ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ سَقَطَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَرَاج كَمَا يَسْقُط مَا عَلَى رَقَبَته مِنْ الْجِزْيَة وَلَزِمَهُ الْعُشْر فِيمَا أَخْرَجَتْ أَرْضه ، وَإِنْ كَانَ الْفَتْح إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى أَنَّ الْأَرْض لِلْمُسْلِمِينَ وَيُؤَدُّوا فِي كُلّ سَنَة عَنْهَا شَيْئًا وَالْأَرْض لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا يُؤْخَذ مِنْهُمْ عَنْهَا@

الصفحة 336