كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاة بَعْده أَنْ يَحْمِي ، وَعَلَى الثَّانِي يَخْتَصّ الْحِمَى بِمَنْ قَامَ مَقَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْخَلِيفَة خَاصَّة .
قَالَ فِي الْفَتْح : وَأَخَذَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ مِنْ هَذَا أَنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَة قَوْلَيْنِ وَالرَّاجِح عِنْدهمْ الثَّانِي ، وَالْأَوَّل أَقْرَب إِلَى ظَاهِر اللَّفْظ اِنْتَهَى . وَمِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ مَنْ أَلْحَقَ بِالْخَلِيفَةِ وُلَاة الْأَقَالِيم .
قَالَ الْحَافِظ : وَمَحَلّ الْجَوَاز مُطْلَقًا أَنْ لَا يَضُرّ بِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ اِنْتَهَى . كَذَا فِي النَّيْل .
وَقَالَ فِي النِّهَايَة : قِيلَ كَانَ الشَّرِيف فِي الْجَاهِلِيَّة إِذَا نَزَلَ أَرْضًا فِي حَيِّهِ اِسْتَعْوَى كَلْبًا فَحَمَى مَدَى عِوَاء الْكَلْب لَا يُشْرِكهُ فِيهِ غَيْره وَهُوَ يُشَارِك الْقَوْم فِي سَائِر مَا يَرْعَوْنَ فِيهِ ، فَنَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَضَافَ الْحِمَى إِلَى اللَّه تَعَالَى وَرَسُوله أَيْ إِلَّا مَا يُحْمَى لِلْخَيْلِ الَّتِي تُرْصَد لِلْجِهَادِ ، وَالْإِبِل الَّتِي يُحْمَل عَلَيْهَا فِي سَبِيل اللَّه ، وَإِبِل الزَّكَاة وَغَيْرهَا ، كَمَا حَمَى عُمَر بْن الْخَطَّاب النَّقِيع لِنَعَمِ الصَّدَقَة وَالْخَيْل الْمُعَدَّة فِي سَبِيل اللَّه اِنْتَهَى
( حِمَى النَّقِيع )
: قَالَ فِي مِرْقَاة الصُّعُود : هُوَ بِالنُّونِ مَوْضِع قَرِيب مِنْ الْمَدِينَة كَانَ يَسْتَنْقِع فِيهِ الْمَاء أَيْ يَجْتَمِع اِنْتَهَى .
وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
2680 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )
: تَقَدَّمَ شَرْحه ، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضهمْ أَنَّ بَيْن الْأَحَادِيث الْقَاضِيَة بِالْمَنْعِ مِنْ الْحِمَى وَالْأَحَادِيث الْقَاضِيَة بِجَوَازِ الْإِحْيَاء مُعَارَضَة وَمَنْشَأ هَذَا الظَّنّ عَدَم الْفَرْق بَيْنهمَا وَهُوَ فَاسِد ، فَإِنَّ الْحِمَى أَخَصّ مِنْ الْإِحْيَاء مُطْلَقًا .@

الصفحة 340