كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

عَنْ سَيِّئَاته . وَيَدُلّ عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل سِيَاق الْآيَة وَهُوَ قَوْله { وَلَا يَجِد لَهُ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } وَهَذَا هُوَ الْكَافِر ، فَأَمَّا الْمُؤْمِن فَلَهُ وَلِيٌّ وَنَصِيرٌ . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الْآيَة فِي حَقّ كُلّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا مِنْ مُسْلِم وَنَصْرَانِيّ وَكَافِر . قَالَ اِبْن عَبَّاس : هِيَ عَامَّة فِي حَقّ كُلّ مَنْ عَمِلَ سُوءًا يُجْزَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَتُوب قَبْل أَنْ يَمُوت فَيَتُوب اللَّه عَلَيْهِ .
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أَبِي صَالِح عَنْهُ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة شَقَّتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَشَقَّة شَدِيدَة ، وَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه وَأَيّنَا مَنْ لَمْ يَعْمَل سُوءًا غَيْرك فَكَيْف الْجَزَاء ؟ قَالَ : مِنْهُ مَا يَكُون فِي الدُّنْيَا ، فَمَنْ يَعْمَل حَسَنَة فَلَهُ عَشْر حَسَنَات ، وَمَنْ جُوزِيَ بِالسَّيِّئَةِ نَقَصَتْ وَاحِدَة مِنْ عَشْر حَسَنَاته وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْع حَسَنَات ، فَوَيْل لِمَنْ غَلَبَتْ آحَاده أَعْشَاره . وَأَمَّا مَنْ كَانَ جَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَة فَيُقَابَل بَيْن حَسَنَاته وَسَيِّئَاته فَيُلْقَى مَكَان كُلّ سَيِّئَة حَسَنَة ، وَيُنْظَر فِي الْفَضْل فَيُعْطَى الْجَزَاء فِي الْجَنَّة فَيُؤْتَى كُلّ ذِي فَضْل فَضْله . قَالَهُ فِي تَفْسِير الْخَازِن
( قَالَ )
: أَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( النَّكْبَة )
: بِفَتْحِ نُون وَسُكُون كَافٍ مَا يُصِيب الْإِنْسَان مِنْ الْحَوَادِث
( فَيُكَافَأ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ الْمُسْلِم
( ذَاكُمُ الْعَرْض )
: أَيْ عَرْض الْأَعْمَال ، كَأَنَّهُ أَشَارَ بِجَمْعِ الْخِطَاب إِلَى أَنَّ مَعْرِفَة مِثْله لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصّ بِأَحَدٍ دُون أَحَد ، بَلْ اللَّائِق بِحَالِ الْكُلّ أَنْ يَعْرِفُوا مِثْل هَذِهِ الْفَوَائِد وَاللَّطَائِف اِنْتَهَى
( قَالَ أَخْبَرَنَا اِبْن أَبِي مُلَيْكَة )
: أَيْ قَالَ مُحَمَّد بْن بَشَّار فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي عَامِر الْخَزَّاز حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي مُلَيْكَة بِصِيغَةِ التَّحْدِيث وَأَمَّا مُسَدَّد فَرَوَى بِصِيغَةِ الْعَنْعَنَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : @

الصفحة 356