كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

لَفَاطِمَة
( بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى )
: هُوَ بِضَمِّ الْكَاف وَتَخْفِيف الدَّال الْمَقْصُورَة وَهِيَ الْمَقَابِر . قَالَهُ الْحَافِظ .
قَالَ اِبْن الْأَثِير : أَرَادَ الْمَقَابِر ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَقَابِرهمْ فِي مَوَاضِع صُلْبَة وَهِيَ جَمْع كُدْيَة ، وَالْكُدْيَة قِطْعَة غَلِيظَة صُلْبَة لَا يَعْمَل فِيهَا الْفَأْس . وَيُرْوَى بِالرَّاءِ يَعْنِي الْكُرَى وَهِيَ الْقُبُور أَيْضًا جَمْع كَرِيَة أَوْ كِرْوَة مِنْ كَرِيْتَ الْأَرْض وَكَرَوْتهَا إِذَا حَفَرْتَهَا كَالْحُفْرَةِ مِنْ حَفَرْت
( قَالَتْ )
: فَاطِمَة
( مَعَاذ اللَّه وَقَدْ )
: الْوَاو وَلِلْحَالِ زَادَ النَّسَائِيُّ " مَعَاذ اللَّه أَنْ أَكُون بَلَغْتهَا "
( فِيهَا )
: أَيْ فِي الْكُدَى .
( فَذَكَر تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ )
: هَذَا مِنْ أَدَب أَبِي دَاوُدَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّح بِاللَّفْظِ الْوَارِد فِي رِوَايَة وَكَنَّى عَنْهُ ، فَرَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ وَعَمَّنْ اِقْتَدَى بِهِ ، وَالتَّصْرِيح وَقَعَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَتَكَلَّمْنَا عَلَى تَأْوِيله فِي زَهْر الرُّبَى وَفِي الْمَسَالِك الْحُنَفَاء . قَالَهُ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاة الصُّعُود . وَالْحَدِيث فِيهِ دَلَالَة عَلَى مَشْرُوعِيَّة التَّعْزِيَة وَعَلَى جَوَاز خُرُوج النِّسَاء لَهَا . وَتَمَام الْحَدِيث كَمَا فِي النَّسَائِيِّ " فَقَالَ لَهَا لَوْ بَلَغْتهَا مَعَهُمْ مَا رَأَيْت الْجَنَّة حَتَّى يَرَاهَا جَدّ أَبِيك " اِنْتَهَى قَالَ السِّنْدِيُّ : وَظَاهِر السَّوْق [ السِّيَاق ] : يُفِيد أَنَّ الْمُرَاد مَا رَأَيْت أَبَدًا كَمَا لَمْ يَرَهَا فُلَان وَأَنَّ هَذِهِ الْغَايَة مِنْ قَبِيل حَتَّى يَلِج الْجَمَل فِي سَمِّ الْخِيَاط . وَمَعْلُوم أَنَّ الْمَعْصِيَة غَيْر الشِّرْك لَا تُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَل عَلَى التَّغْلِيظ فِي حَقّهَا وَإِمَّا أَنْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ فِي حَقّهَا أَنَّهَا لَوْ اِرْتَكَبَتْ تِلْكَ الْمَعْصِيَة لَأَفَضْت بِهَا إِلَى مَعْصِيَة فَكَوْن مُؤَدِّيَة إِلَى مَا .
وَالسُّيُوطِي رَحِمه اللَّه مُشَمِّر بِهِ الْقَوْل بِنَجَاةِ عَبْد الْمُطَّلِب فَقَالَ لِذَلِكَ وَهَذِهِ عِبَارَته : أَقُول لَا دَلَالَة فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَوَهِّمُونَ لِأَنَّهُ لَوْ مَشَتْ@

الصفحة 393