كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

اِمْرَأَة مَعَ جِنَازَة إِلَى الْمَقَابِر لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا مُوجِبًا لِلْخُلُودِ فِي النَّار كَمَا هُوَ وَاضِح ، وَغَايَة مَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُون مِنْ جُمْلَة الْكَبَائِر الَّتِي يُعَذَّب صَاحِبهَا ثُمَّ يَكُون آخِر أَمْرِهِ إِلَى الْجَنَّة . وَأَهْل السُّنَّة يُؤَوِّلُونَ مَا وَرَدَ مِنْ الْحَدِيث فِي أَهْل الْكَبَائِر مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِأَنَّ الْمُرَاد لَا يَدْخُلُونَهَا مَعَ السَّابِقِينَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا أَوَّلًا بِغَيْرِ عَذَاب ، فَغَايَة مَا يَدُلّ عَلَيْهِ الْحَدِيث الْمَذْكُور عَلَى أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ مَعَهُمْ الْكُدَى لَمْ تَرَ الْجَنَّة مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّم ذَلِكَ عَذَاب أَوْ شِدَّة أَوْ مَا شَاءَ اللَّه مِنْ أَنْوَاع الْمَشَاقّ ثُمَّ يَئُول أَمْرهَا إِلَى دُخُول الْجَنَّة قَطْعًا وَيَكُون عَبْد الْمُطَّلِب كَذَلِكَ لَا يَرَى الْجَنَّة مَعَ السَّابِقِينَ بَلْ يَتَقَدَّم ذَلِكَ الِامْتِحَان وَحْده أَوْ مَعَ مَشَاقّ أُخَر ، وَيَكُون مَعْنَى الْحَدِيث لَمْ تَرَ الْجَنَّة حَتَّى يَأْتِي الْوَقْت الَّذِي يَرَاهَا فِيهِ جَدّ أَبِيك فَتَرَيْنَهَا حِينَئِذٍ ، فَتَكُون رُؤْيَتك لَهَا مُتَأَخِّرَة عَنْ رُؤْيَة غَيْرك مِنْ السَّابِقِينَ لَهَا . هَذَا مَدْلُول الْحَدِيث لَا دَلَالَة لَهُ عَلَى قَوَاعِد أَهْل السُّنَّة غَيْر ذَلِكَ .
وَاَلَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام شَرَف الدِّين الْمُنَاوِيّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عَبْد الْمُطَّلِب فَقَالَ هُوَ مِنْ أَهْل الْفَتْرَة الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغ لَهُمْ الدَّعْوَة وَحُكْمهمْ فِي الْمَذْهَب مَعْرُوف اِنْتَهَى كَلَام السُّيُوطِي .
قُلْت : الْقَوْل فِي هَذَا الْحَدِيث مَا قَالَهُ الْعَلَّامَة السِّنْدِيُّ ، وَأَمَّا الْقَوْل بِنَجَاةِ عَبْد الْمُطَّلِب كَمَا هُوَ مَذْهَب السُّيُوطِي فَكَلَام ضَعِيف خِلَاف لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْ الْمُتَسَاهِلِينَ ، وَلَا عِبْرَة بِكَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَاب وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَرَبِيعَة هَذَا الَّذِي هُوَ فِي إِسْنَاد هَذَا الْحَدِيث هُوَ رَبِيعَة بْن سَيْف الْمَعَافِرِيّ مِنْ تَابِعِي أَهْل مِصْر وَفِيهِ مَقَال .@

الصفحة 394