كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

: كَمَا هُوَ عَادَة الْمُلُوك الْجَبَابِرَة
( لَمْ أَعْرِفك )
: أَيْ فَلَا تَأْخُذ عَلَيّ .
قَالَ الطِّيبِيُّ : كَأَنَّهَا لَمَّا سَمِعَتْ أَنَّهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَهَّمَتْ أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَة الْمُلُوك فَقَالَتْ اِعْتِذَارًا لَمْ أَعْرِفك قَالَهُ الْقَارِي
( فَقَالَ )
: النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الْأُولَى )
: مَعْنَاهُ الصَّبْر الْكَامِل الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأَجْر الْجَزِيل لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّة فِيهِ . وَأَصْل الصَّدْم الضَّرْب فِي شَيْء صُلْب ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي كُلّ مَكْرُوه حَصَلَ بَغْتَة . قَالَهُ النَّوَوِيّ . وَقَالَ الْقَارِي : مَعْنَاهُ عِنْد الْحَمْلَة الْأُولَى وَابْتِدَاء الْمُصِيبَة وَأَوَّل لُحُوق الْمَشَقَّة ، وَإِلَّا فَكُلّ أَحَد يَصْبِر بَعْدهَا اِنْتَهَى .
قَالَ الْحَافِظ : فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا مَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مِنْ التَّوَاضُع وَالرِّفْق بِالْجَاهِلِ ، وَمُسَامَحَة الْمُصَاب ، وَقَبُول اِعْتِذَاره ، وَمُلَازَمَة الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر . وَمِنْهَا أَنَّ الْقَاضِي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّخِذ مَنْ يَحْجُبهُ عَنْ حَوَائِج النَّاس . وَمِنْهَا أَنَّ الْجَزَع مِنْ الْمَنْهِيَّات لِأَمْرِهِ لَهَا بِالتَّقْوَى مَقْرُونًا بِالصَّبْرِ . اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ .
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
أَيْ إِذَا كَانَ مِنْ غَيْر نَوْح .
2718 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ )
: أَيْ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( وَأَنَا مَعَهُ )
: أَيْ النَّبِيّ@

الصفحة 396