كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

مِنْ السُّنَّة كَانَ أَهْل الْبَيْت يُضَحُّونَ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ وَالْآن يَبْخَلنَا جِيرَاننَا " قَالَ السِّنْدِيُّ : إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله مُوَثَّقُونَ .
وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد " الْحَدِيث فِي رِوَايَة عَائِشَة وَقَدْ مَرَّ فِي بَاب مَا يُسْتَحَبّ مِنْ الضَّحَايَا . وَأَخْرَجَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد عَنْ عَبْد اللَّه بْن هِشَام قَالَ : " كَانَ النَّبِيّ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَة عَنْ جَمِيع أَهْله " وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ عَنْ أَبِي طَلْحَة " أَنَّ النَّبِيّ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَقَالَ عِنْد الْأَوَّل عَنْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ، وَعِنْد الثَّانِي عَمَّنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي مِنْ أُمَّتِي " ، وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ : " ضَحَّى رَسُول اللَّه بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ قَرَّبَ أَحَدهمَا فَقَالَ بِسْمِ اللَّه اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك هَذَا مِنْ مُحَمَّد وَأَهْل بَيْته ، وَقَرَّبَ الْآخَر فَقَالَ : " بِسْمِ اللَّه اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك هَذَا مِنِّي عَمَّنْ وَحَّدَك مِنْ أُمَّتِي " .
وَقَدْ أَوْرَدَ أَحَادِيث الْبَاب بِأَسْرِهَا الْحَافِظ جَمَال الدِّين الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْب الرَّايَة فِي تَخْرِيج أَحَادِيث الْهِدَايَة .
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي بَاب الشَّاة الْوَاحِدَة تُجْزِئ عَنْ أَهْل الْبَيْت وَالْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْد بَعْض أَهْل الْعِلْم وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وَإِسْحَاق ، وَاحْتَجَّا بِحَدِيثِ النَّبِيّ أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشٍ فَقَالَ هَذَا عَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : قَوْله مِنْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَمِنْ أُمَّة مُحَمَّد فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الشَّاة الْوَاحِدَة تُجْزِئ عَنْ الرَّجُل وَعَنْ أَهْله وَإِنْ كَثُرُوا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ ، وَأَجَازَهُ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى اِنْتَهَى .@

الصفحة 4