كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

أم لا
والنبي صلى الله عليه و سلم إنما علق التعذيب بالنياحة لا بالوصية
المسلك الثاني أن ذلك خاص بمن كان النوح من عادته وعادة قومه وأهله وهو يعلم أنهم ينوحون عليه إذا مات
فإذا لم ينههم كان ذلك رضي منه بفعلهم وذلك سبب عذابه وهذا مسلك البخاري في صحيحه فإنه ترجم عليه وقال إذا كان النوح من سننه وهو قريب من الأول
المسلك الثالث أن الباء ليست باء السببية وإنما هي باء المصاحبة
والمعنى يعذب مع بكاء أهله عليه أي يجتمع بكاء أهله وعذابه كقولك خرج زيد بسلاحه
قال تعالى وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به
وهذا المسلك باطل قطعا فإنه ليس كل ميت يعذب ولأن هذا اللفظ لا يدل إلا على السببية كما فهمه أعظم الناس فهما
ولهذا ردته عائشة لما فهمت منه السببية ولأن اللفظ الآخر الصحيح الذي رواه بالمغيرة يبطل هذا التأويل ولأن الإخبار بمقارنة عذاب الميت المستحق للعذاب لبكاء أهله لا فائدة فيه
المسلك الرابع أن المراد بالحديث ما يتألم به الميت ويتعذب به من بكاء الحي عليه
وليس المراد أن الله تعالى يعاقبه ببكاء الحي عليه فإن التعذيب هو من جنس الألم الذي يناله بمن يجاوره مما يتأذى به ونحوه
قال النبي صلى الله عليه و سلم السفر قطعة من العذاب وليس هذا عقابا على ذنب وإنما هو تعذيب وتألم فإذا وبخ الميت على ما يناح به عليه لحقه من ذلك تألم وتعذيب
ويدل على ذلك ما روى البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير قال أغمي

الصفحة 403