كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

بِبَعْضِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتُر إِلَّا بَعْض بَدَنه ، يَدُلّ عَلَيْهِ تَمَام الْحَدِيث أَنَّهُ كَانَ يَسْأَل عَنْ أَكْثَرهمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمهُ فِي اللَّحْد ، فَلَوْ أَنَّهُمْ فِي ثَوْب وَاحِد جُمْلَة لَسَأَلَ عَنْ أَفْضَلهمْ قَبْل ذَلِكَ كَيْلَا يُؤَدِّي إِلَى نَقْضِ التَّكْفِين وَإِعَادَته . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّكْلِيف قَدْ اِرْتَفَعَ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوز أَنْ يُلْصَق الرَّجُل بِالرَّجُلِ إِلَّا عِنْد اِنْقِطَاع التَّكْلِيف أَوْ لِلضَّرُورَةِ . قَالَهُ الْعَيْنِيّ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّ الشَّهِيد لَا يُغَسَّل ، وَهُوَ قَوْل عَامَّة أَهْل الْعِلْم ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم . وَقَوْل أَبِي حَنِيفَة لَا يُغَسَّل وَلَكِنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ . وَيُقَال إِنَّ الْمَعْنَى فِي تَرْك غَسْله مَا جَاءَ أَنَّ الشَّهِيد يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَكَلْمه يَدْمَى ، الرِّيح رِيح الْمِسْك وَاللَّوْن لَوْن الدَّم . وَقَدْ يُوجَد الْغُسْل فِي الْأَحْيَاء مَقْرُونًا بِالصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ الْوُضُوء فَلَا يَجِب التَّطْهِير عَلَى أَحَد إِلَّا مِنْ أَجْل صَلَاة يُصَلِّيهَا ، وَلِأَنَّ الْمَيِّت لَا فِعْل لَهُ فَأُمِرْنَا أَنْ نُغَسِّلهُ لِنُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا سَقَطَ الْغُسْل سَقَطَتْ الصَّلَاة . وَفِيهِ جَوَاز أَنْ يُدْفَن الْجَمَاعَة فِي الْقَبْر الْوَاحِد ، وَأَنَّ أَفْضَلهمْ يُقَدَّم فِي الْقِبْلَة وَإِذَا ضَاقَتْ الْأَكْفَان وَكَانَتْ الضَّرُورَة جَازَ أَنْ يُكَفَّن الْجَمَاعَة مِنْهُمْ فِي الثَّوْب الْوَاحِد اِنْتَهَى .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ غَرِيب لَا نَعْرِفهُ مِنْ حَدِيث أَنَس إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه . وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ " وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ " .
2730 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَد مِنْ الشُّهَدَاء غَيْره )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْم تَرْك الصَّلَاة@

الصفحة 411