كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

يُصَلَّى عَلَيْهِ )
: بِصِيغَةِ الْمَجْهُول بِفَتْحِ اللَّام . قَالَهُ النَّوَوِيّ أَيْ مَعَ الْجَمَاعَة الْعَظِيمَة . قَالَ النَّوَوِيّ : وَأَمَّا النَّهْي عَنْ الْقَبْر لَيْلًا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ سَبَبه أَنَّ الدَّفْن نَهَارًا يَحْضُرهُ كَثِيرُونَ مِنْ النَّاس وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْضُرهُ فِي اللَّيْل إِلَّا أَفْرَاد ، وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ لِرَدَاءَة الْكَفَن فَلَا يَبِين فِي اللَّيْل ، وَيُؤَيِّدهُ أَوَّل الْحَدِيث وَآخِره . قَالَ الْقَاضِي : الْعِلَّتَانِ صَحِيحَتَانِ ، قَالَ وَالظَّاهِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَهُمَا مَعًا . وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الدَّفْن فِي اللَّيْل ، فَكَرِهَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يُسْتَدَلّ لَهُ بِهِ . وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف لَا يُكْرَه ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْر إِنْكَار ، وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَة السَّوْدَاء أَوْ الرَّجُل الَّذِي كَانَ يَقُمّ الْمَسْجِد فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا وَسَأَلَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ قَالُوا تُوُفِّيَ لَيْلًا فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْل ، فَقَالَ أَلَا آذَنْتُمُونِي ؟ قَالُوا كَانَتْ ظُلْمَة وَلَمْ يُنْكَر عَلَيْهِمْ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ النَّهْي كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاة وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّد الدَّفْن بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاة أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ أَوْ عَنْ إِسَاءَة الْكَفَن أَوْ عَنْ الْمَجْمُوع اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ : وَقَوْله حَتَّى يُصَلِّي عَلَيْهِ مَضْبُوط بِكَسْرِ اللَّام أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا سَبَب آخَر يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنْ رُجِيَ بِتَأْخِيرِ الْمَيِّت إِلَى الصَّبَاح صَلَاة مَنْ تُرْجَى بَرَكَته عَلَيْهِ اُسْتُحِبَّ تَأْخِيره وَإِلَّا فَلَا
( إِلَّا أَنْ يُضْطَرّ إِلَخْ )
: فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْس بِهِ فِي وَقْت الضَّرُورَة
( فَلْيُحْسِنْ كَفَنه )
: ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ فَتْح الْفَاء وَإِسْكَانهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيح . قَالَ الْقَاضِي : وَالْفَتْح أَصْوَب وَلَيْسَ الْمُرَاد@

الصفحة 424