كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

2756 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( السَّكُونِيُّ )
: بِفَتْحِ السِّين وَضَمّ الْكَاف نِسْبَة إِلَى السَّكُون قَبِيلَة
( فَيَقُوم )
: لِلصَّلَاةِ
( أَرْبَعُونَ رَجُلًا )
: هَكَذَا فِي رِوَايَة كُرَيْبٍ عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَالْحَدِيث عِنْد أَحْمَد وَمُسْلِم أَيْضًا .
وَأَخْرَجَ مُسْلِم عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا " مَا مِنْ مَيِّت تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّة مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَة كُلّهمْ يَشْفَعُونَ لَهُ " الْحَدِيث . وَتَقَدَّمَ حَدِيث مَالِك بْن هُبَيْرَة مَرْفُوعًا بِلَفْظِ " مَا مِنْ مَيِّت يَمُوت فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَة صُفُوف مِنْ الْمُسْلِمِينَ " الْحَدِيث .
وَهَذِهِ الْأَحَادِيث فِيهَا دَلَالَة عَلَى اِسْتِحْبَاب تَكْثِير جَمَاعَة الْجِنَازَة وَيُطْلَب بُلُوغهمْ إِلَى هَذَا الْعَدَد الَّذِي يَكُون مِنْ مُوجِبَات الْفَوْز . وَقَدْ قُيِّدَ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ . الْأَوَّل أَنْ يَكُونُوا شَافِعِينَ فِيهِ أَيْ مُخْلِصِينَ لَهُ الدُّعَاء سَائِلِينَ لَهُ الْمَغْفِرَة . الثَّانِي أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ شَيْئًا كَمَا فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قِيلَ هَذِهِ الْأَحَادِيث خَرَّجَتْ أَجْوِبَة لِلسَّائِلِينَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ كُلّ وَاحِد عَنْ سُؤَاله .
قَالَ النَّوَوِيُّ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِقَبُولِ شَفَاعَة مِائَة فَأَخْبَرَ بِهِ ثُمَّ بِقَبُولِ شَفَاعَة أَرْبَعِينَ فَأَخْبَرَ بِهِ ، ثُمَّ ثَلَاثَة صُفُوف وَإِنْ قَلَّ عَدَدهمْ فَأَخْبَرَ بِهِ . قَالَ وَيُحْتَمَل أَيْضًا أَنْ يُقَال هَذَا مَفْهُوم عَدَدٍ فَلَا يَلْزَم مِنْ الْإِخْبَار عَنْ قَبُول شَفَاعَة مِائَةٍ مَنْعُ قَبُولِ مَا دُون ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِينَ مَعَ ثَلَاثَة صُفُوف ، وَحِينَئِذٍ كُلّ الْأَحَادِيث مَعْمُول بِهَا وَتَحْصُل الشَّفَاعَة بِأَقَلّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَلَاثَة@

الصفحة 452