كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

الْأَمْر لِلنَّدْبِ وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون نَسْخًا لِأَنَّ النَّسْخ لَا يَكُون إِلَّا بِنَهْيٍ أَوْ بِتَرْكٍ مَعَهُ نَهْي اِنْتَهَى .
وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَى النَّهْي مِنْ حَدِيث عُبَادَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوم لِلْجِنَازَة ، فَمَرَّ بِهِ حَبْر مِنْ الْيَهُود فَقَالَ هَكَذَا نَفْعَل فَقَالَ اِجْلِسُوا وَخَالِفُوهُمْ " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَأَصْحَاب السُّنَن إِلَّا النَّسَائِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِسْنَاده ضَعِيفًا لَكَانَ حُجَّة فِي النَّسْخ .
وَقَالَ عِيَاض : ذَهَبَ جَمْع مِنْ السَّلَف إِلَى أَنَّ الْأَمْر بِالْقِيَامِ مَنْسُوخ بِحَدِيثِ عَلِيّ ، وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ النَّسْخ لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْع وَهُوَ هُنَا مُمْكِن قَالَ وَالْمُخْتَار أَنَّهُ مُسْتَحَبّ وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ بْنُ عَبْد الْبَرّ فِي التَّمْهِيد : جَاءَتْ آثَار صِحَاح ثَابِتَة تُوجِب الْقِيَام لِلْجِنَازَة وَقَالَ بِهَا جَمَاعَة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَرَأَوْهَا غَيْر مَنْسُوخَة ، وَقَالُوا لَا يَجْلِس مَنْ اِتَّبَعَ الْجِنَازَة حَتَّى تُوضَع عَنْ أَعْنَاق الرِّجَال ، مِنْهُمْ الْحَسَن بْن عَلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن عُمَر وَابْن الزُّبَيْر وَأَبُو سَعِيد وَأَبُو مُوسَى ، وَذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن .
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : لَيْسَ عَلَى مَنْ مَرَّتْ بِهِ الْجِنَازَة أَنْ يَقُومُوا لَهَا وَلِمَنْ تَبِعَهَا أَنْ يَجْلِس وَإِنْ لَمْ يُوضَع .
وَأَرَادَ بِالْآخَرِينَ : عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعَلْقَمَة وَالْأَسْوَد وَنَافِع بْن جُبَيْر وَأَبَا حَنِيفَة وَمَالِكًا وَالشَّافِعِيّ وَأَبَا يُوسُف ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْأَمْر بِالْقِيَامِ مَنْسُوخ ، وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ عَلِيّ عِنْد مُسْلِم وَلَفْظ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه " كَانَ يَأْمُرنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجَنَائِز ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِالْجُلُوسِ " كَذَا فِي عُمْدَة الْقَارِي شَرْح الْبُخَارِي مُلَخَّصًا .
( أَوْ تُوضَعَ )
: الْجِنَازَة عَلَى الْأَعْنَاق . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .@

الصفحة 456