كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وأما التعليل بأنه كراهية أن تطوله فلم يأت في شيء من طرق هذا الحديث الصحيحة
ولو قدر ثبوتها فهي ظن من الراوي وتعليل النبي صلى الله عليه و سلم الذي ذكره بلفظه أولى
فهذه الأحاديث مع كثرتها وصحتها كيف يقدم عليها حديث عبادة مع ضعفه وحديث علي وإن
كان في صحيح مسلم فهو حكاية فعل لا عموم له وليس فيه لفظ عام يحتج به على النسخ وإنما فيه أنه قام وقعد وهذا يدل على أحد أمرين
إما أن يكون كل منهما جائزا والأمر بالقيام ليس على الوجوب وهذا أولى من النسخ
قال الإمام أحمد إن قام لم أعبه وإن قعد فلا بأس
وقال القاضي وابن أبي موسى القيام مستحب ولم يرياه منسوخا
وقال بالتخيير إسحاق وعبد الملك بن حبيب وابن الماجشون
وبه تأتلف الأدلة
أو يدل على نسخ قيام القاعد الذي يمر عليه بالجنازة دون استمرار قيام مشيعها كما هو المعروف من مذهب أحمد عند أصحابه وهو مذهب مالك وأبي حنيفة
الثالث أن أحاديث القيام لفظ صريح وأحاديث الترك إنما هو فعل محتمل لما ذكرنا من الأمرين فدعوى النسخ غير بينة والله أعلم
وقد عمل الصحابة بالأمرين بعد النبي صلى الله عليه و سلم فقعد علي وأبو هريرة ومروان وقام أبو سعيد ولكن هذا في قيام التابع والله أعلم

الصفحة 462