كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

قُلْت : الْأَوْلَى حَمْلهَا عَلَى الصَّلَاة الْمَعْرُوفَة لِيُوَافِق حَدِيث عِمْرَان وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة . وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح : وَطَرِيق الْجَمْع بَيْن الْأَحَادِيث أَنْ تُحْمَل رِوَايَة النَّفْي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ حِين رُجِمَ ، وَرِوَايَة الْإِثْبَات عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْيَوْم الثَّانِي ، وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق أَيْضًا وَهُوَ فِي السُّنَن لِأَبِي قُرَّة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْف فِي قِصَّة مَاعِز قَالَ " فَقِيلَ يَا رَسُول اللَّه أَتُصَلِّي عَلَيْهِ ؟ قَالَ لَا ، قَالَ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَد قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبكُمْ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاس " اِنْتَهَى . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُول : يُصَلَّى عَلَى الَّذِي يُقَاد فِي حَدّ وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي رَجْم . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى شُرَاحَة وَقَدْ رَجَمَهَا ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء .
وَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا يُتْرَك الصَّلَاة عَلَى أَحَد مِنْ أَهْل الْقِبْلَة بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا . وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي وَالْأَوْزَاعِيُّ يُغَسَّل الْمَرْجُوم وَيُصَلَّى عَلَيْهِ . وَقَالَ مَالِك مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَام فِي حَدّ مِنْ الْحُدُود فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَام وَيُصَلِّي عَلَيْهِ أَهْله إِنْ شَاءُوا أَوْ غَيْرهمْ . وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل لَا يُصَلِّي الْإِمَام عَلَى قَاتِل نَفْس وَلَا غَالّ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة : مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُحَارِبِينَ أَوْ صُلِبَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الْفِئَة الْبَاغِيَة لَا يُصَلَّى عَلَى قَتْلَاهُمْ . وَذَهَبَ بَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ أَنَّ تَارِك الصَّلَاة إِذَا قُتِلَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُصَلَّى عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ قُتِلَ فِي حَدّ أَوْ قِصَاص .@

الصفحة 475