كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

وَسَلَّمَ كَرِهَ إِفْنَاء أُمَّة مِنْ الْأُمَم وَإِعْدَام جِيل مِنْ الْخَلْق ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ خَلْق اللَّه تَعَالَى إِلَّا وَفِيهِ نَوْع مِنْ الْحِكْمَة وَضَرْب مِنْ الْمَصْلَحَة ، يَقُول إِذَا كَانَ الْأَمْر عَلَى هَذَا وَلَا سَبِيل إِلَى قَتْلهنَّ ، فَاقْتُلُوا شِرَارهنَّ وَهِيَ السُّود الْبُهُم وَأَبْقُوا مَا سِوَاهَا لِتَنْتَفِعُوا بِهِنَّ فِي الْحِرَاسَة . وَعَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَحِلّ صَيْد الْكَلْب الْأَسْوَد اِنْتَهَى .
وَعِنْد الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر " نَقَصَ مِنْ عَمَله كُلّ يَوْم قِيرَاطَانِ " قَالَ النَّوَوِيّ : وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَب نُقْصَان الْأَجْر بِاقْتِنَاءِ الْكَلْب ، فَقِيلَ لِامْتِنَاعِ الْمَلَائِكَة مِنْ دُخُول بَيْته ، وَقِيلَ لِمَا يَلْحَق الْمَارِّينَ مِنْ الْأَذَى مِنْ تَرْوِيع الْكَلْب لَهُمْ وَقَصْده إِيَّاهُمْ . وَالتَّوْفِيق بَيْن حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَابْن عُمَر أَنَّهُ يَجُوز بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِع وَالْأَحْوَال .
قَالَ النَّوَوِيّ رَحِمَهُ اللَّه : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِي نَوْعَيْنِ مِنْ الْكِلَاب أَحَدهمَا أَشَدّ أَذًى مِنْ الْآخَر ، أَوْ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِع ، فَيَكُون الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدِينَة .
قُلْت : وَكَذَا فِي مَكَّة لِزِيَادَةِ فَضْلهمَا ، وَالْقِيرَاط فِي غَيْرهمَا قَالَ أَوْ الْقِيرَاطَانِ فِي الْمَدَائِن وَالْقُرَى وَالْقِيرَاط فِي الْبَوَادِي ، أَوْ يَكُون ذَلِكَ فِي زَمَانَيْنِ فَذَكَرَ الْقِيرَاط أَوَّلًا ثُمَّ زَادَ لِلتَّغْلِيظِ فَذَكَرَ الْقِيرَاطَيْنِ اِنْتَهَى
( الْأَسْوَد الْبَهِيم )
: أَيْ خَالِص السَّوَاد .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح .
2463 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( تَقْدَم )
: بِفَتْحِ الدَّال أَيْ تَجِيء
( فَنَقْتُلهُ )
: أَيْ كَلْب الْمَرْأَة
( ثُمَّ نَهَانَا عَنْ قَتْلهَا )
: أَيْ عَنْ قَتْل الْكِلَاب بِعُمُومِهَا
( عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ )
: أَيْ بِقَتْلِهِ . وَفِي رِوَايَة مُسْلِم @

الصفحة 48