كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

آخِر أَمْره . وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَر صُلِّيَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَسْجِد وَمَعْلُوم أَنَّ عَامَّة الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار شَهِدُوا الصَّلَاة عَلَيْهِمَا فَفِي تَرْكهمْ إِنْكَاره دَلِيل عَلَى جَوَازه .
وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ إِنْ ثَبَتَ الْحَدِيث مُتَأَوَّلًا عَلَى نُقْصَان الْأَجْر ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا فِي مَسْجِد فَإِنَّ الْغَائِب أَنْ يَنْصَرِف إِلَى أَهْله وَلَا يَشْهَد دَفْنه ، وَأَنَّ مَنْ سَعَى فِي الْجَنَازَة فَصَلَّى عَلَيْهَا بِحَضْرَةِ الْمَقَابِر شَهِدَ دَفْنه فَأَحْرَزَ أَجْر الْقِيرَاطَيْنِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَة فَلَهُ قِيرَاط مِنْ الْأَجْر وَمَنْ شَهِدَ دَفْنهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ ، وَالْقِيرَاط مِثْل أُحُد " وَقَدْ يُؤْجَر عَلَى كَثْرَة خُطَاهُ ، فَصَارَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهَا فِي الْمَسْجِد مَنْقُوص الْأَجْر بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا بَرًّا اِنْتَهَى . وَمَعْنَى قَوْله " فَلَا شَيْء عَلَيْهِ " أَيْ لَا شَيْء عَلَى الْمُصَلِّي مِنْ الْإِثْم فِيهَا . وَقِيلَ مَعْنَى قَوْله " فَلَا شَيْء لَهُ " أَيْ لَا شَيْء لِلْمُصَلِّي مِنْ زِيَادَة الْفَضْل فِي أَدَاء صَلَاة الْجَنَازَة فِي الْمَسْجِد بَلْ الْمَسْجِد وَغَيْره فِي هَذَا سَوَاء ، وَبِهَذَا يَنْدَفِع التَّعَارُض بَيْن الْحَدِيثَيْنِ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَلَفْظه " فَلَيْسَ لَهُ شَيْء ، وَصَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْر وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة اِنْتَهَى .
قُلْت : صَالِح بْن نَبْهَان مَوْلَى التَّوْأَمَة قَالَ اِبْن مُعِين ثِقَة حُجَّة سَمِعَ مِنْهُ اِبْن أَبِي ذِئْب قَبْل أَنْ يَخْرُف ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَبْل أَنْ يَخْتَلِط فَهُوَ ثَبَت وَقَالَ اِبْن عَدِيّ : لَا بَأْس بِرِوَايَةِ الْقُدَمَاء عَنْهُ : كَذَا فِي الْخُلَاصَة .@

الصفحة 480