كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

لَهَا نَعْش وَهُوَ شِبْه الْمِحَفَّة بِالْكَسْرِ مَرْكَب مِنْ مَرَاكِب النِّسَاء كَالْهَوْدَجِ اِنْتَهَى وَمِثْله فِي شَرْح الْقَامُوس . وَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى جَنَازَة الْأَنْصَارِيَّة قُبَّة مُغَطَّاة بِلَوْنٍ أَخْضَر . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ الْقُبَّة عَلَى سَرِير الْمَيِّت لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَة وَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ أَحَد .
وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَافِظ بْن عَبْد الْبَرّ وَنَقَلَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي الْمَوَاهِب أَنَّ فَاطِمَة قَالَتْ لِأَسْمَاءِ بِنْت عُمَيْس إِنِّي قَدْ اِسْتَقْبَحْت مَا يُصْنَع بِالنِّسَاءِ يُطْرَح عَلَى الْمَرْأَة الثَّوْب فَيَصِفهَا فَقَالَتْ أَسْمَاء يَا بِنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُرِيك شَيْئًا رَأَيْته بِأَرْضِ الْحَبَشَة ، فَدَعَتْ بِجَرَائِد رَطْبَة فَحَنَّتْهَا ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا فَقَالَتْ فَاطِمَة مَا أَحْسَن هَذَا تُعْرَف بِهِ الْمَرْأَة مِنْ الرَّجُل فَإِذَا أَنَا مُتّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيّ وَلَا يَدْخُل عَلَيَّ أَحَد . قَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ وَفَاطِمَة أَوَّل مَنْ غُطِّيَ نَعْشهَا عَلَى الصِّفَة الْمَذْكُورَة ثُمَّ بَعْدهَا زَيْنَب بِنْت جَحْش صُنِعَ بِهَا ذَلِكَ أَيْضًا اِنْتَهَى .
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْح الْمَوَاهِب : قَوْله يُطْرَح عَلَى الْمَرْأَة الثَّوْب أَيْ عَلَى نَعْشهَا فَيَصِفهَا جِسْمهَا مِنْ غِلَظ وَضِدّه ، وَحَنَّتْهَا بِنُونٍ ثُمَّ فَوْقِيَّة أَيْ أَمَالَتْهَا ، وَتُعْرَف بِهِ الْمَرْأَة مِنْ الرَّجُل أَيْ وَلَا يُعْرَف لِلْمَرْأَةِ تَحْته حَجْم ، وَقَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ زَيْنَب أَوَّل مَنْ غُطِّيَ نَعْشهَا فَمُرَاده أَيْ مِنْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ اِنْتَهَى .
وَقَالَ اِبْن الْأَثِير فِي أُسْد الْغَابَة فِي مَعْرِفَة الصَّحَابَة فِي تَرْجَمَة فَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : وَلَمَّا حَضَرَهَا الْمَوْت قَالَتْ لِأَسْمَاءِ بِنْت عُمَيْس ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْل مَا رَوَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ نَحْوه سَوَاء ثُمَّ قَالَ فَقَالَتْ فَاطِمَة مَا أَحْسَن هَذَا وَأَجْمَله فَإِذَا أَنَا مُتّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيّ وَلَا تُدْخِلِي عَلَيَّ أَحَدًا فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ جَاءَتْ عَائِشَة ، فَمَنَعَتْهَا@

الصفحة 486