كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

الْوَصْف
( إِنَّمَا كَانَ )
: ذَلِكَ فِي سَالِف الزَّمَان
( لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ النُّعُوش )
: جَمْع نَعْش أَيْ الْقِبَاب الْمُتَّخَذَة لِلسَّتْرِ عَلَى جَنَائِز الْمَرْأَة فِي عَهْدهمْ الْمَاضِي فِي الْمَدِينَة وَإِنْ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدهمْ فِي الْحَبَشَة
( فَكَانَ الْإِمَام يَقُوم حِيَال عَجِيزَتهَا )
: بِكَسْرِ الْحَاء أَيْ قُبَالَته
( يَسْتُرهَا مِنْ الْقَوْم )
: بِقِيَامِهِ بِهَذَا الْوَصْف ، وَأَمَّا الْآن فَاُتُّخِذَتْ الْقِبَاب عَلَى سَرِير جَنَازَة الْمَرْأَة فَلَا يُرَاد بِهَذَا الصَّنِيع التَّسَتُّر لَهَا ، بَلْ يَكُون ذَلِكَ خَالِصًا لِاتِّبَاعِ فِعْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ زَالَ السَّبَب .
وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح فِي بَاب أَيْنَ يَقُوم مِنْ الْمَرْأَة وَالرَّجُل تَحْت حَدِيث سَمُرَة قَالَ صَلَّيْت وَرَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اِمْرَأَة مَاتَتْ فِي نِفَاسهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا . وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة عَلَى الْمَرْأَة ، فَإِنَّ كَوْنهَا نُفَسَاء وَصْف غَيْر مُعْتَبَر أَمَّا كَوْنهَا اِمْرَأَة فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُعْتَبَرًا فَإِنَّ الْقِيَام عَلَيْهَا وَسَطهَا لِسَتْرِهَا ، وَذَلِكَ مَطْلُوب فِي حَقّهَا بِخِلَافِ الرَّجُل .
وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يَكُون مُعْتَبَرًا وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل اِتِّخَاذ النَّعْش لِلنِّسَاءِ ، فَأَمَّا بَعْد اِتِّخَاذه فَقَدْ حَصَلَ السَّتْر الْمَطْلُوب ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ التَّرْجَمَة مَوْرِد السُّؤَال وَأَرَادَ عَدَم التَّفْرِقَة بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة ، وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيف مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق أَبِي غَالِب عَنْ أَنَس اِنْتَهَى .
وَنَازَعَهُ الْعَيْنِيّ فِي شَرْح الْبُخَارِيّ فَقَالَ حَدِيث أَبِي غَالِب رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَسَكَتَ عَنْهُ وَسُكُوته دَلِيل رِضَاهُ بِهِ ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن ، فَكَيْف يُضَعَّف هَذَا وَقَدْ رَضِيَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ اِنْتَهَى .
قُلْت : وَكَذَا سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَابْن الْقَيِّم وَلَا نَعْلَم فِيهِ عِلَّة .@

الصفحة 491