كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

يَقْرَآنِ عَلَيْهَا بِالْفَاتِحَةِ ، وَكَذَا نَقَلَ هُوَ وَابْن أَبِي شَيْبَة عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ .
وَفِي كِتَاب الْجَنَائِز لِلْمُزَنِيِّ : وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْر وَغَيْره مِنْ الصَّحَابَة كَانُوا يَقْرَءُونَ بِأُمِّ الْقُرْآن عَلَيْهَا .
وَفِي الْمُحَلَّى لِابْنِ حَزْم : صَلَّى الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ فَقَرَأَ فِي التَّكْبِيرَة الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب وَسُورَة قَصِيرَة وَرَفَعَ بِهِمَا صَوْته اِنْتَهَى .
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : ذَهَبَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرهمَا إِلَى الْوُجُوب ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أُمّ شَرِيك وَبِحَدِيثِ " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب " وَنَحْوه وَصَلَاة الْجَنَازَة صَلَاة وَهُوَ الْحَقّ اِنْتَهَى .
قَالَ اِبْن الْقَيِّم : قَالَ شَيْخنَا اِبْن تَيْمِيَّةَ لَا يَجِب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي صَلَاة الْجَنَازَة بَلْ هِيَ سُنَّة اِنْتَهَى .
قُلْت : الْحَقّ مَعَ الشَّيْخ اِبْن تَيْمِيَّةَ وَاَللَّه أَعْلَم .
وَأَمَّا الْبُدَاءَة بِالثَّنَاءِ قَبْل الْقِرَاءَة فَلِأَنَّ الْإِتْيَان بِالدَّعَوَاتِ اِسْتِغْفَار لِلْمَيِّتِ ، الْبُدَاءَة بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ سُنَّةُ الدُّعَاء . وَالْمَقْصُود مِنْ صَلَاة الْجَنَازَة طَلَب الْمَغْفِرَة لِلْمَيِّتِ ، وَلَا يَقْبَل اللَّه الدُّعَاء وَلَا يَسْتَجِيبهُ حَتَّى يَبْدَأ أَوَّلًا بِالثَّنَاءِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي بِالدُّعَاءِ ، لِمَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّف وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّلَاة وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعَوَات وَاللَّفْظ لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ فَضَالَة بْن عُبَيْد يَقُول : " سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاته لَمْ يُمَجِّد اللَّه وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجَّلَ هَذَا ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ إِذَا صَلَّى أَحَدكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبّه وَالثَّنَاء عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ " وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَرَوَاهُ@

الصفحة 506