كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

فِي إِسْنَاده دَاوُدُ بْن عَمْرو الْأَوْدِيّ الدِّمَشْقِيّ عَامِل وَاسِط وَثَّقَهُ يَحْيَى بْن مَعِين . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدِيثه مُقَارِب وَقَالَ أَبُو زُرْعَة لَا بَأْس بِهِ ، وَقَالَ اِبْن عَدِيّ : وَلَا أَرَى بِرِوَايَاتِهِ بَأْسًا ، وَقَالَ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الْعِجْلِيُّ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَة الرَّازِيّ : هُوَ شَيْخ .
2470 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( فَيَقْتَفِي أَثَره )
: أَيْ يَتْبَع قَفَاهُ حَتَّى يَتَمَكَّن مِنْهُ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ بِهِ سَهْمه فَقَدْ مَلَكَهُ وَصَارَ سَهْمه كَيَدِهِ ، فَلَوْ أَنَّهُ رَمَى صَيْدًا حَتَّى أَنْشَبَ سَهْمه فِيهِ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ فَوَجَدَهُ رَجُل كَانَ سَبِيله سَبِيل اللُّقَطَة وَعَلَيْهِ تَعْرِيفه وَرَدّ قِيمَته . وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِي فِيهِ سَهْمه وَهُوَ أَنْ يُثَبِّتهُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَصَابَهُ قَبْل أَنْ يَغِيب عَنْهُ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ ذَكَاته إِنَّمَا وَقَعَتْ بِرَمْيَتِهِ ، فَأَمَّا إِذَا رَمَاهُ وَلَمْ يَعْلَم أَنَّهُ أَصَابَهُ أَمْ لَا فَيَتْبَع أَثَره فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمه فَلَا يَأْكُل لِأَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يَكُون غَيْره قَدْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ ، وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ الرَّامِي مَجُوسِيًّا لَا تَحِلّ ذَكَاته وَفِي قَوْله " فَيَقْتَفِي أَثَره " دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَغْفَلَ تَتْبَعهُ وَأَتَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ الْوَقْت ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلهُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا تَتَبَّعَهُ فَلَمْ يَلْحَقهُ إِلَّا بَعْد الْيَوْم وَالْيَوْمَيْنِ فَهُوَ مَقْدُور وَكَانَتْ الذَّكَاة وَاقِعَة بِإِصَابَةِ السَّهْم فِي وَقْت كَوْنه مُمْتَنِعًا غَيْر مَقْدُور عَلَيْهِ ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتَتَبَّعهُ وَتَرَكَهُ يَتَحَامَل بِالْجِرَاحَةِ حَتَّى هَلَكَ فَهَذَا غَيْر مُذَكًّى لِأَنَّهُ لَوْ اِتَّبَعَهُ لَأَدْرَكَهُ قَبْل الْمَوْت فَذَكَّاهُ ذَكَاة الْمَقْدُور عَلَيْهِ فِي الْحَلْق@

الصفحة 54