كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم لَيْسَ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ فِعَال غَيْر عَشْر عُلُوم بَثَّهَا وَدُعَاء نَجْل وَغَرْس النَّخْل وَالصَّدَقَات تَجْرِي وِرَاثَة مُصْحَف وَرِبَاط ثَغْر وَحَفْر الْبِئْر أَوْ إِجْرَاء نَهَر وَبَيْت لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي إِلَيْهِ أَوْ بَنَاهُ مَحَلّ ذِكْر وَتَعْلِيم لِقُرْآنٍ كَرِيم فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيث بِحَصْرٍ وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ اِبْن الْعِمَاد فَعَدَّهَا ثَلَاثَة عَشَر وَسَرَدَ أَحَادِيثهَا ، وَالْكُلّ رَاجِع إِلَى هَذِهِ الثَّلَاث اِنْتَهَى .
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرْح مُسْلِم فِي بَاب بَيَان أَنَّ الْإِسْنَاد مِنْ الدِّين أَنَّ الصَّدَقَة تَصِل إِلَى الْمَيِّت وَيَنْتَفِع بِهَا بِلَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب ، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَنَّ الْمَيِّت لَا يَلْحَقهُ بَعْد مَوْته ثَوَاب فَهُوَ مَذْهَب بَاطِل وَخَطَأ بَيِّن مُخَالِف لِنُصُوصِ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاع الْأَئِمَّة فَلَا اِلْتِفَات إِلَيْهِ وَلَا تَعْرِيج عَلَيْهِ اِنْتَهَى . وَأَيْضًا قَالَ النَّوَوِيّ فِي مَوْضِع آخَر : وَفِي الْحَدِيث أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة وَهُمَا مُجْمَع عَلَيْهِمَا اِنْتَهَى .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّوْم وَالصَّلَاة وَمَا دَخَلَ فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ عَمَل الْأَبَدَانِ لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَة ، وَقَدْ يَسْتَدِلّ بِهِ مَنْ يَذْهَب إِلَى أَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّت فَالْحَجّ يَكُون فِي الْحَقِيقَة لِلْحَاجِّ دُون الْمَحْجُوج عَنْهُ ، وَإِنَّمَا يَلْحَقهُ الدُّعَاء وَيَكُون لَهُ الْأَجْر فِي الْمَال الَّذِي أَعْطَى إِنْ كَانَ حَجَّ عَنْهُ بِمَالٍ اِنْتَهَى . وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن الْقَيِّم : اُخْتُلِفَ فِي الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَالذِّكْر ، فَمَذْهَب أَحْمَد وَجُمْهُور السَّلَف وُصُولهَا ، وَهُوَ قَوْل بَعْض أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه . وَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالِك أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِل اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا كَذَا فِي ضَالَّة النَّاشِد الْكَئِيب .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ . قَالَ بَعْضهمْ : عَمَل الْمَيِّت مُنْقَطِع لِمَوْتِهِ ، لَكِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء لَمَّا كَانَ هُوَ سَبَبهَا مِنْ @

الصفحة 87