كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 8)

قُلْت : يُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّ الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا جَمِيعًا فَيَصْدُق أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا آخِر بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهُمَا ، وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون الْآخِرِيَّة فِي آيَة النِّسَاء مُقَيَّدَة بِمَا يَتَعَلَّق بِالْمَوَارِيثِ مَثَلًا بِخِلَافِ آيَة الْبَقَرَة ، وَيُحْتَمَل عَكْسه وَالْأَوَّل أَرْجَح لِمَا فِي آيَة الْبَقَرَة مِنْ الْإِشَارَة إِلَى مَعْنَى الْوَفَاة الْمُسْتَلْزِمَة لِخَاتِمَةِ النُّزُول . ذَكَرَهُ الْحَافِظ فِي الْفَتْح .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .
2503 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( جَاءَ رَجُل )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذَا الرَّجُل هُوَ عُمَر بْن الْخَطَّاب ، وَيُشْبِه أَنْ يَكُون إِنَّمَا لَمْ يُفْتِهِ عَنْ مَسْأَلَته ، وَوَكَّلَ الْأَمْر فِي ذَلِكَ إِلَى بَيَان الْآيَة اِعْتِمَادًا عَلَى عِلْمه وَفَهْمه اِنْتَهَى مُلَخَّصًا
( تُجْزِئك )
: أَيْ تَكْفِيك
( آيَة الصَّيْف )
: وَهِيَ قَوْله تَعَالَى { وَيَسْتَفْتُونَك } الْآيَة . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَنْزَلَ اللَّه فِي الْكَلَالَة آيَتَيْنِ أَحَدهمَا فِي الشِّتَاء وَهِيَ الْآيَة الَّتِي فِي أَوَّل سُورَة النِّسَاء وَفِيهَا إِجْمَال وَإِبْهَام لَا يَكَاد يَتَبَيَّن هَذَا الْمَعْنَى مِنْ ظَاهِرهَا ، ثُمَّ أَنْزَلَ الْآيَة الْأُخْرَى فِي الصَّيْف وَهِيَ الَّتِي فِي آخِر سُورَة النِّسَاء وَفِيهَا مِنْ زِيَادَة الْبَيَان مَا لَيْسَ فِي آيَة الشِّتَاء ، فَأَحَالَ السَّائِل عَلَيْهَا لِيَتَبَيَّن الْمُرَاد بِالْكَلَالَةِ الْمَذْكُورَة فِيهَا اِنْتَهَى .
( هُوَ مَنْ مَاتَ إِلَخْ )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلَالَة مَنْ هُوَ ، فَقَالَ أَكْثَر الصَّحَابَة هُوَ مَنْ لَا وَلَد لَهُ وَلَا وَالِد ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب مِثْل قَوْلهمْ ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ مَنْ لَا وَلَد لَهُ ، وَيُقَال إِنَّ هَذَا آخِر قَوْلَيْهِ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ .@

الصفحة 96