كتاب حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

قال الاشبيلي وهذا أصح إسنادا وأحسن من حديث أبي داود يعني حديث الزهري عن أبي سلمة المتقدم
وفي مصنف عبد الرزاق عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من بني حنيفة وعن أبي سلمة كلاهما عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسلا لا نذر في غضب ولا في معصية الله وكفارته كفارة يمين قالوا وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال كفارة النذر كفارة اليمين
وهذا يتناول نذر المعصية من وجهين
أحدهما أنه عام لم يخص منه نذر دون نذر
الثاني أنه شبهه باليمين ومعلوم أنه لو حلف على المعصية وحنث لزمه كفارة يمين بل وجوب الكفارة في نذر المعصية أولى منها في يمين المعصية لما سنذكره
قالوا ووجوب الكفارة قول عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وسمرة بن جندب ولا يحفظ عن صحابي خلافهم
قالوا وهب أن هذه الآثار لم تثبت فالقياس يقتضي وجوب الكفارة فيه لأن النذر يمين ولو حلف ليشربن الخمر أو ليقتلن فلانا وجبت عليه كفارة اليمين وإن كانت يمين معصية فهكذا إذا نذر المعصية
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم تسمية النذر يمينا لما قال لأخت عقبة لما نذرت المشي إلى بيت الله فعجزت تكفر يمينها وهو حديث صحيح وسيأتي
وعن عقبة مرفوعا وموقوفا النذر حلفة
وقال ابن عباس في امرأة نذرت ذبح ابنها كفري يمينك
فدل على أن النذر داخل في مسمى اليمين في لغة من نزل القرآن بلغتهم
وذلك أن حقيقته هي حقيقة اليمين فإنه عقده لله ملتزما له كما أن الحالف عقد

الصفحة 118