كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

مَاله إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيل الْقُرْبَة . وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَلِيًّا لَزِمَهُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين ، وَهَذَا قَوْل اللَّيْث ، وَوَافَقَهُ اِبْن وَهْب وَزَادَ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا يُخْرِج قَدْر زَكَاة مَاله ، وَالْأَخِير عَنْ أَبِي حَنِيفَة وَهُوَ قَوْل رَبِيعَة وَأَطَالَ الْكَلَام فِي ذِكْر الْمَذَاهِب . وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَدْ دَلَّ حَدِيث كَعْب أَنَّهُ يُشْرَع لِمَنْ أَرَادَ التَّصَدُّق بِجَمِيعِ مَاله أَنْ يُمْسِك بَعْضه ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ لَمْ يَنْفُذ . وَقِيلَ إِنَّ التَّصَدُّق بِجَمِيعِ الْمَال يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال ، فَمَنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى ذَلِكَ يَعْلَم مِنْ نَفْسه الصَّبْر لَمْ يَمْنَع ، وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّل فِعْل أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَإِيثَار الْأَنْصَار عَلَى أَنْفُسهمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا ، وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّل " لَا صَدَقَة إِلَّا عَنْ ظَهْر غِنًى " وَفِي لَفْظ " أَفْضَل الصَّدَقَة مَا كَانَ عَنْ ظَهْر غِنًى " وَاَللَّه أَعْلَم .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ اِنْتَهَى .
قُلْت : هَا هُنَا صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فَيَكُون حَدِيثه حُجَّة .

2889 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِنِّي نَذَرْت فِي الْجَاهِلِيَّة )
: أَيْ الْحَال الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا قَبْل الْإِسْلَام مِنْ الْجَهْل بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَشَرَائِع الدِّين وَغَيْر ذَلِكَ . وَلَفْظ اِبْن مَاجَهْ . " نَذَرْت نَذْرًا فِي الْجَاهِلِيَّة فَسَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد مَا أَسْلَمْت فَأَمَرَنِي أَنْ أُوفِيَ بِنَذْرِي@

الصفحة 141