كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
( أَنْ أَعْتَكِف )
: أَيْ الِاعْتِكَاف
( فِي الْمَسْجِد الْحَرَام )
: حَوْل الْكَعْبَة وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ جِدَار يُحَوَّط عَلَيْهَا . قَالَهُ ( الْقَسْطَلَّانِيُّ
( لَيْلَة )
: لَا يُعَارِضهُ رِوَايَة " يَوْمًا " لِأَنَّ الْيَوْم يُطْلَق عَلَى مُطْلَق الزَّمَان لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا أَوْ أَنَّ النَّذْر كَانَ لِيَوْمٍ وَلَيْلَة وَلَكِنْ يُكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدهمَا مِنْ ذِكْر الْآخَر ، فَرِوَايَة يَوْم أَيْ بِلَيْلَتِهِ وَرِوَايَة لَيْلَة أَيْ مَعَ يَوْمهَا . فَعَلَى الْأَوَّل يَكُون حُجَّة عَلَى مَنْ شَرَطَ الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف لِأَنَّ اللَّيْل لَيْسَ مَحِلًّا لِلصَّوْمِ
( أَوْفِ بِنَذْرِك )
: وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ " فَاعْتَكِفْ " وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَجِب الْوَفَاء بِالنَّذْرِ مِنْ الْكَافِر مَتَى أَسْلَمَ . وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا بَعْض أَصْحَاب الْإِمَام الشَّافِعِيّ . وَعِنْد أَكْثَر الْعُلَمَاء لَا يَنْعَقِد النَّذْر مِنْ الْكَافِر . وَحَدِيث عُمَر حُجَّة عَلَيْهِمْ . وَقَدْ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَرَفَ أَنَّ عُمَر قَدْ تَبَرَّعَ بِفِعْلِ ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ بِهِ ، لِأَنَّ الِاعْتِكَاف طَاعَة وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَاب مِنْ مُخَالَفَة الصَّوَاب . وَأَجَابَ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْوَفَاءِ اِسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا . وَيُرَدّ بِأَنَّ هَذَا الْجَوَاب لَا يَصْلُح لِمَنْ اِدَّعَى عَدَم الِانْعِقَاد .
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الصَّحِيح أَيْضًا أَنْ اِعْتَكِفْ يَوْمًا اِنْتَهَى . أَيْ لَمْ يُعَيِّنهُ .@
الصفحة 142