كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)

إِلَى التِّجَارَة الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَسْمَاء الْعَرَبِيَّة ، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَن مِنْهُ اِنْتَهَى .
( إِنَّ الْبَيْع يَحْضُرهُ اللَّغْو )
: أَيْ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ الْكَلَام مَا لَا يُعْتَدّ بِهِ ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُورِد لَا عَنْ رَوِيَّة وَفِكْر فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغْو وَهُوَ صَوْت الْعَصَافِير . ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ . قَالَ الْقَارِيّ : وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مِنْهُ مَا لَا يَعْنِيه وَمَا لَا طَائِل تَحْته وَمَا لَا يَنْفَعهُ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ اِنْتَهَى .
( وَالْحَلِف )
: أَيْ إِكْثَاره أَوْ الْكَاذِب مِنْهُ
( فَشُوبُوهُ )
: بِضَمِّ أَوَّله أَيْ اِخْلِطُوا مَا ذُكِرَ مِنْ اللَّغْو وَالْحَلِف قَالَهُ الْقَارِيّ . وَيُحْتَمَل أَنْ يَرْجِع الضَّمِير الْمَنْصُوب إِلَى الْبَيْع
( بِالصَّدَقَةِ )
: فَإِنَّهَا تُطْفِئ غَضَب الرَّبّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث بَعْض أَهْل الظَّاهِر مِمَّنْ لَا يَرَى الزَّكَاة فِي أَمْوَال التِّجَارَة وَقَالَ إِنَّهُ لَوْ كَانَ يَجِب فِيهَا صَدَقَة كَمَا يَجِب فِي سَائِر الْأَمْوَال لَأَمَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا وَلَمْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله : فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ أَوْ شَيْء مِنْ الصَّدَقَة .
وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ دَلِيل عَلَى مَا اِدَّعُوهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيث بِشَيْءٍ مِنْ الصَّدَقَة غَيْر مَعْلُوم الْمِقْدَار فِي تَضَاعِيف الْأَيَّام مِنْ الْأَوْقَات ، لِيَكُونَ كَفَّارَة عَنْ اللَّغْو وَالْحَلِف ، فَأَمَّا الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ رُبْع الْعُشْر الْوَاجِب عِنْد تَمَام الْحَوْل فَقَدْ وَقَعَ الْبَيَان فِيهَا مِنْ غَيْر هَذِهِ الْجِهَة ، وَقَدْ رَوَى سَمُرَة بْن جُنْدُب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا الصَّدَقَة عَنْ الْأَمْوَال الَّتِي يَعُدُّونَهَا لِلْبَيْعِ ، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَاب الزَّكَاة ، ثُمَّ هُوَ عَمَل الْأُمَّة وَإِجْمَاع أَهْل الْعِلْم اِنْتَهَى .@

الصفحة 145