كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
2892 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِنَّ الْحَلَال بَيِّن )
: أَيْ وَاضِح لَا يَخْفَى حِلّه
( وَإِنَّ الْحَرَام بَيِّن )
: أَيْ لَا يَخْفَى حُرْمَته ، وَفِيهِ تَقْسِيم لِلْأَحْكَامِ إِلَى ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهُوَ تَقْسِيم صَحِيح ، لِأَنَّ الشَّيْء إِمَّا أَنْ يَنُصّ الشَّارِع عَلَى طَلَبه مَعَ الْوَعِيد عَلَى تَرْكه ، أَوْ يَنُصّ عَلَى تَرْكه مَعَ الْوَعِيد عَلَى فِعْله ، أَوْ لَا يَنُصّ عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا : فَالْأَوَّل الْحَلَال الْبَيِّن ، وَالثَّانِي الْحَرَام الْبَيِّن ، وَالثَّالِث الْمُشْتَبَه لِخَفَائِهِ فَلَا يُدْرَى أَحَلَال هُوَ أَمْ حَرَام ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيله يَنْبَغِي اِجْتِنَابه لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي نَفْس الْأَمْر حَرَامًا فَقَدْ بَرِئَ مِنْ التَّبِعَة ، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَقَدْ اِسْتَحَقَّ الْأَجْر عَلَى التَّرْك لِهَذَا الْقَصْد ، لِأَنَّ الْأَصْل مُخْتَلَف فِيهِ حَظْرًا وَإِبَاحَة . وَهَذَا التَّقْسِيم قَدْ وَافَقَ قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُبَاح وَالْمَكْرُوه مِنْ الْمُشَبَّهَات كَذَا فِي النَّيْل .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْحَلَال بَيِّن وَالْحَرَام بَيِّن مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاء ثَلَاثَة أَقْسَام ، حَلَال بَيِّن وَاضِح لَا يَخْفَى حِلّه ، كَالْخُبْزِ وَالْفَوَاكِه وَالزَّيْت وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَطْعُومَات وَكَذَلِكَ الْكَلَام وَالنَّظَر وَالْمَشْي ، مِنْ التَّصَرُّفَات فِيهَا حَلَال بَيِّن وَاضِح لَا شَكّ فِي حِلّه ، وَأَمَّا الْحَرَام الْبَيِّن فَكَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِير وَالْمَيْتَة وَالْبَوْل ، وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالْكَذِب وَالْغِيبَة وَأَشْبَاه ذَلِكَ
( وَبَيْنهمَا أُمُور مُتَشَابِهَات )
: وَفِي بَعْض النُّسَخ@
الصفحة 148