كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
( وَبَيْنهمَا مُشَبَّهَات لَا يَعْلَمهَا كَثِير مِنْ النَّاس )
: قَالَ الْخَطَّابِيّ : أَيْ أَنَّهَا تَشْتَبِه عَلَى بَعْض النَّاس دُون بَعْض ، وَلَيْسَ أَنَّهَا فِي ذَوَات أَنْفُسهَا مُشْتَبِهَة لَا بَيَان لَهَا فِي جُمْلَة أُصُول الشَّرِيعَة ، فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانه لَمْ يَتْرُك شَيْئًا يَجِب لَهُ فِيهِ حُكْم إِلَّا وَقَدْ جَعَلَ فِيهِ لَهُ بَيَانًا وَنَصَبَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ، وَلَكِنَّ الْبَيَان ضَرْبَانِ ، بَيَان جَلِيّ يَعْرِفهُ عَامَّة النَّاس ، وَخَفِيّ لَا يَعْرِفهُ إِلَّا الْخَاصّ مِنْ الْعُلَمَاء . قَالَ وَالدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " لَا يَعْلَمهَا كَثِير " وَقَدْ عُقِلَ بِبَيَانِ فَحْوَاهُ أَنَّ بَعْض النَّاس يَعْرِفُونَهَا وَإِنْ كَانُوا قَلِيل الْعَدَد . وَإِذَا صَارَ مَعْلُومًا عِنْد بَعْضهمْ فَلَيْسَ بِمُشَبَّهٍ فِي نَفْسه اِنْتَهَى . مُخْتَصَرًا
( فَمَنْ اِتَّقَى الشُّبُهَات )
: أَيْ اِجْتَنَبَ عَنْ الْأُمُور الْمُشْتَبِهَة قَبْل ظُهُور حُكْم الشَّرْع فِيهَا
( اِسْتَبْرَأَ دِينه وَعِرْضه )
: يَعْنِي بَالَغَ فِي بَرَاءَة دِينه مِنْ أَنْ يَخْتَلّ بِالْمَحَارِمِ ، وَعِرْضه مِنْ أَنْ يُتَّهَم بِتَرْكِ الْوَرَع وَالسِّين فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا قَالَ صَاحِب الْكَشَّاف فِي قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ } اِسْتَعَفَّ أَبْلَغ مِنْ عَفَّ كَأَنَّهُ طَالِب زِيَادَة الْعِفَّة كَذَا قَالَ اِبْن الْمَلَك فِي شَرْح الْمَشَارِق
( وَقَعَ فِي الْحَرَام )
: يَعْنِي يُوشِك أَنْ يَقَع فِيهِ لِأَنَّهُ حَوْل حَرِيمه .@
الصفحة 150