كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية) (اسم الجزء: 9)
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِبَار وَالصِّغَار مَا فِيهِمْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ اِنْفَرَدَ بِسُنَّةٍ وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ كُلّ وَاحِد عِنْده مَا لَيْسَ عِنْد الْآخَر مِنْ الْعِلْم ، فَإِنَّ تَفَرُّد الثِّقَة الْمُتْقِن يُعَدّ صَحِيحًا غَرِيبًا ، وَإِنَّ تَفَرُّدَ الصَّدُوق وَمَنْ دُونه يُعَدّ مُنْكَرًا اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا وَمَحْبُوب لَا يَنْزِل عَنْ دَرَجَة الصَّدُوق وَاَللَّه أَعْلَم .
وَأَمَّا طَرِيق يَحْيَى بْن أَبِي مُحَمَّد فَهُوَ أَدْوَن مِنْ طَرِيق مَحْبُوب .
وَأَمَّا سَنَد حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا فَلَا بَأْس بِهِ وَعَلِيّ بْن سَعِيد الرَّازِيُّ شَيْخ الطَّبَرَانِيِّ هُوَ حَافِظُ رِجَال . قَالَ اِبْن يُونُس : كَانَ يَفْهَم وَيَحْفَظ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : لَيْسَ بِذَاكَ تَفَرَّدَ بِأَشْيَاء اِنْتَهَى ، وَهَذَا لَيْسَ بِجَرْحٍ ، وَنُوح بْن عُمَر وَلَمْ يَثْبُت فِيهِ جَرْح وَرَوَى عَنْهُ اِثْنَانِ عَلِيّ بْن سَعِيد وَأَبُو الْحَسَن أَحْمَد ، وَأَمَّا بَقِيَّة فَصَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ ، وَمُحَمَّد بْن زِيَاد مِنْ الثِّقَات الْأَثْبَات ، وَلِذَا قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح وَخَبَر مُعَاوِيَة قَوِيّ بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوع طُرُقه اِنْتَهَى .
قُلْت : اِعْتِمَادِي فِي هَذَا الْبَاب عَلَى حَدِيث النَّجَاشِيّ ، وَأَمَّا غَيْره مِنْ الرِّوَايَات فَيَنْضَمّ إِلَى خَبَر النَّجَاشِيّ وَتَحْدُث لَهُ بِهِ الْقُوَّة .
وَأَمَّا كَشْف السَّرِير لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي قِصَّة مُعَاوِيَة فَهُوَ إِكْرَامًا لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كُشِفَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْكُسُوف الْجَنَّة وَالنَّار ، فَهَلْ مِنْ قَائِل إِنَّ صَلَاة الْكُسُوف لَا تَجُوز إِلَّا لِمَنْ كُشِفَ لَهُ الْجَنَّة وَالنَّار .
وَأَمَّا صَلَاته عَلَى زَيْد بْن حَارِثَة وَجَعْفَر بْن أَبِي طَالِب فَأَخْرَجَهَا الْوَاقِدِيّ فِي كِتَاب الْمَغَازِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر قَالَ " لَمَّا اِلْتَقَى النَّاس بِمُؤْتَة جَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَر وَكُشِفَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن الشَّام فَهُوَ يَنْظُر إِلَى مَعْرَكَتهمْ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الرَّايَة زَيْد بْن حَارِثَة فَمَضَى حَتَّى اُسْتُشْهِدَ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ وَقَالَ اِسْتَغْفِرُوا لَهُ قَدْ دَخَلَ الْجَنَّة وَهُوَ يَسْعَى ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَة جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب فَمَضَى حَتَّى اُسْتُشْهِدَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُول اللَّه@
الصفحة 20
525